جميل أن نلتقي بفلسطين وبأهلها ممن يعرفون بعرب 48 في عاصمتنا المنامة، وهم يحلون ضيوفا في أكبر مهرجانات البحرين الثقافية، محملين بحقائب تعج بإبداعات تحاكي واقعهم بلغة موسيقية رائعة تعبر عما في خلجات النفس الفلسطينية بأسلوب راق يخاطب العالم بلغة واحدة يفهمها الجميع.
هذه اللغة هي الموسيقى لا الآلة العسكرية، ولا مفاوضات الطاولة، كل ذلك بعيدا عن صورة الألم والقهر والبؤس التي تلصق دائما على صورة الإنسان الفلسطيني.
التقيتهم أمس في وقت «بروفات» فرقة أوركسترا فلسطين للشباب، التابعة لمعهد إدوارد سعيد الوطني للموسيقى وأوركسترا كوليجيوم ميوزيكوم، التابعة لجامعة بون، كانت مسحة الألم تعبر عنها أسارير وجوه ثلاث نساء فلسطينيات أجريت معهن لقاء اتسم بمحبة اللقاء، ربما لأني التقيت من يشبهني اسما وتطلعا لمجريات الأمور، فواحدة حملت اسم ريما واثنتان حملا اسم ريم.
ورغم ذلك فإن بصيص الأمل والعزيمة كان يبرق من عيون أولئك النسوة الثلاث اللاتي كل واحدة منهن مثلا جيلا يختلف عن الآخر، لكن ما جمعهم هو قضية وطن يؤمن بحق الإنسان في الحياة بعيدا عن لغة الذل والدم والقهر لإنسانيته.
ريما ترزي كانت تتحدث بحب عن التربية الموسيقية وأهميتها في تعزيز الهوية الثقافية الفلسطينية التي هي جزء لا يتجزء من الثقافة العربية وضرورة ذلك في تخفيف وطأة ألم التعايش مع المحتل، إذ رأت أن النهوض بالتربية الموسيقية قد يساهم في تنمية الأطفال فنيا وفكريا ونفسيا واجتماعيا، وهو ما حققه المعهد خلال أنشطته المتعددة منذ تأسيسه وحتى اليوم وتأثيره على المشهد الموسيقي في فلسطين.
لكن بنت الناصرة وخريجة الاتحاد السوفياتي السابق ريم بنا عبرت عن رؤياها عبر الفن الملتزم الذي هوته منذ الصغر في كلمات كتبتها بلغة بسيطة رردتها أمامي وهي تفيض نقدا لواقع لا تحبذه في كيف يرى الآخرون الفلسطيني في وقت الأزمات التي تعصف على قضية ظلت منسية للأسف، فقالت ريم بنا: «بلحظة كلي الناس غنوا عن القدس بلحظة كلي الناس كتبوا عن القدس... وحدة تبقى القدس ناطرة الناس اللي راحوا تحلم برجوع اللي راحوا واحنا مش فرجة لحدة احنا مش لحدة»، هذه كلمات أغنيتها «القدس» التي سيسمعها جمهورها البحريني يوم الجمعة المقبل.
في حين قالت ريم تلحمي إن الحاجة إلى التفاعل المباشر مع قضايانا يمكن دعمه من خلال الفن الملتزم الذي يعبر عن واقعنا بدون رتوش.
فعلا إن قضايانا واحدة وجميعها يحتاج إلى أساليب التعبير المتطورة التي نشهد بعضها في موسم ربيع الثقافة الحالي.
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 2370 - الإثنين 02 مارس 2009م الموافق 05 ربيع الاول 1430هـ