العدد 688 - السبت 24 يوليو 2004م الموافق 06 جمادى الآخرة 1425هـ

من ملوثات البيئة: الضوضاء... المطار مثالا

علي راشد العشيري comments [at] alwasatnews.com

كثر الحديث عن التلوث وعن حماية البيئة. وكثرت القوانين والمراسيم واللجان التي تنظم عملية الحد من تأثير الكثير من الملوثات على صحة العاملين وعلى صحة القاطنين في المناطق المحيطة، وهذا شيء جيد ومطلوب وينبغي على كل مواطن أن يدعم كل الجهود التي تبذلها الدولة والجمعيات والهيئات التي تهتم بشئون البيئة والحفاظ عليها.

وكذلك نجد الكثير من الشركات والمصانع تحاول أن تكسب ود الأهالي القاطنين والمتأثرين بوجود تلك الشركات والمصانع بحيث اصبح مألوفا لدينا مشاركة تلك الشركات ودعمها للمشروعات المحلية وإنشاء الحدائق والمتنزهات وغيرها.

ولكن العجيب والأعجب والغريب والأغرب هو أن أحدا من المهتمين بشئون البيئة لم يتكلم عن مصدر مهم وخطير من مصادر التأثير السلبية على صحة الإنسان وهو: الضوضاء (Noise) وخصوصا في المطار والمناطق المحيطة به. فالضجيج الناتج عن صوت محركات الطائرات لا يبعد اكثر من كيلومتر عن القرى المجاورة ومدى الأثر الذي يسببه وجود المطار على شريحة ومجموعة كبيرة من الأهالي القاطنين في قرى الدير، سماهيج، قلالي، عراد ومدينة الحد.

فمتى سيتحدث المهتمون بموضوع صحة البيئة وسلامتها وبكل شفافية وصراحة عن هذا التلوث الصوتي الذي يؤثر على جهاز السمع عند الإنسان.

لا شك في أنه هناك صعوبة في نقل المطار إلى منطقة أخرى في الوقت الحاضر (وليس الأمر مستحيلا فقد حدث في ألمانيا وأميركا وغيرهما من الدول المتقدمة التي تلتزم الحكومات فيها بمبادئ السلامة والصحة المهنية والبيئية). وأشيع من باب التندر في فترة انتخابات المجالس البلدية أن من ضمن برنامج أحد المترشحين نقل المطار إلى منطقة أخرى، وسواء كانت تلك الإشاعة صحيحة أم مجرد فكاهة فإن على الجهات ذات العلاقة والمسئولة عن الموضوع أن تفكر وبشكل جدي في موضوع الضوضاء الناتجة عن هبوط الطائرات واقلاعها من مدرجات المطار وتأثير هذا الضجيج على صحة الإنسان وسلامته وكذلك الغازات الناتجة من احتراق وقود الطائرات والسيارات الموجودة في المطار ومحيطه.

نقل المطار إلى مكان آخر في الوقت الراهن له سلبياته كما له إيجابياته من حيث الموظفين في هذا القطاع وقربه من سكنهم، ومن حيث توافر الموازنة لإنشاء مطار جديد وغيرها من الأمور، ولكن صحة الإنسان تبقى هي الأغلى والأولى بالرعاية والاهتمام.

فينبغي من الحكومة والشركات العاملة في المطار العمل بجد من الآن في الحد من تأثير الضوضاء والغازات على أهالي المنطقة المحيطة بالمطار والمساهمة للقيام بالآتي كل بحسب مجاله:

1- الدارسات التي تقوم بها الهيئات والجمعيات المهتمة بتلوث البيئة لمعرفة ما إذا كانت الضوضاء الموجودة في المطار تفوق المعدل العالمي والمحلي وكذلك قياس تركيز الغازات المنبعثة من محركات الطائرات والسيارات في المطار. فالمتخصصون يقولون إن استمرار تعرض الإنسان للضوضاء أعلى من 85 ديسبل (85 decibel) يعرض الإنسان للإصابة بفقدان السمع.

فلمعرفة تأثير الضوضاء على السمع عند الإنسان نحتاج إلى معرفة معدل ارتفاع الصوت (جهارة الصوت وعلوه) - Loudness level- ويقاس بالديسيبل - decibel, dBA وكذلك معرفة الفترة الزمنية التي يتعرض فيها الانسان لهذا الصوت. عموما نستطيع القول: كلما كان الصوت مرتفعا كلما كان الوقت قصيرا لفقدان حاسة السمع عند الإنسان. وبحسب المعلومات فإن درجة ارتفاع الصوت عند هبوط الطائرات المدنية وإقلاعها يتراوح من 120 إلى 140 ديسيبل وهي درجة مرتفعة تكفي لأن يفقد الإنسان سمعه في دقائق فما بالك بالطائرات الحربية والكونكورد التي تفوق 145 ديسيبل.

2- أن تقوم الشركات المعنية في المساهمة المادية في عمل المشروعات التي يستفيد منها أهالي المنطقة المحيطة بالمطار أسوة بما تقوم به بعض الشركات الصناعية في منطقة سترة وضواحيها.

3- أن تعطى الأولوية في التوظيف في الشركات المعنية لأهالي المنطقة وكذلك التوظيف الصيفي والبعثات الدراسية.

4- القيام بدراسة إمكانات نقل المطار إلى مكان آخر بعيد عن المناطق السكنية أو إنشاء بيوت جديدة بعيدا عن المطار في المنطقة نفسها وإعطائها الأهالي المتضررين مع وضع فترة زمنية لذلك، وخصوصا إذا عرفنا أن وجود ما يؤثر على صحة الإنسان يتعارض مع مبادئ حقوق الإنسان ومبادئ الميثاق الوطني (أنظر الفصل الثالث: الأسس الاقتصادية للمجتمع - البند الخامس من مشروع ميثاق العمل الوطني لدولة البحرين - البيئة والحياة الفطرية).

5- وضع المعدات والأجهزة التي تقلل من حدة الضوضاء والضجيج في المنطقة المحيطة وتوفير معدات الوقاية الشخصية مجانا.

6- توفير الدعم والتأمين الصحي لعلاج المتضررين في المستشفيات الخاصة وكذلك الفحص الدوري المجاني.

7- المساهمة المادية للمشروعات الخيرية في المنطقة مثل الزواج الجماعي وحملات التبرع بالدم ودعم الصناديق الخيرية والأندية الوطنية وغيرها.

8- تقديم خفوضات خاصة لأهالي المنطقة من قيمة تذاكر السفر وإلغاء رسوم الخروج من المطار.

9- على شركات الشحن الكبرى استعمال وقود الديزل منخفض الكبريت ووضع مرشحات على أنابيب خروج نواتج احتراق الوقود.

وفي النهاية اقترح على أهالي المنطقة المحيطة بالمطار أن يشكلوا لجنة من الأهالي لمناقشة موضوع التلوث الصادر من المطار بكل أبعاده وإمكان التعويض للمتضررين بالبحث مع المسئولين في الدولة، حتى لو تطلب الأمر اللجوء إلى القضاء والقانون.

مهندس كيميائي

العدد 688 - السبت 24 يوليو 2004م الموافق 06 جمادى الآخرة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً