العدد 688 - السبت 24 يوليو 2004م الموافق 06 جمادى الآخرة 1425هـ

قوات الاحتلال تعترف بسيطرة المقاومة على مدن عراقية

مخاوف من انتشار نموذج الفلوجة

محمد دلبح comments [at] alwasatnews.com

.

دفعت عمليات حرب العصابات التي تشنها قوات المقاومة العراقية في محافظة الأنبار العراقية إلى وقف قوات الاحتلال تسيير دورياتها في أجزاء كبيرة من المحافظة، فيما تعد قوات الاحتلال خطة لشن هجوم واسع على مدينة سامراء التي تبعد 90 ميلا شمالي بغداد، بغرض السيطرة عليها. وقال تقرير نشرته صحيفة «فيلادلفيا إنكوايرر» الأميركية نقلا عن ضباط عسكريين أميركيين قولهم إن الدوريات داخل وحول مدينة الرمادي (مركز المحافظة التي تعتبر سكنا للكثير من ضباط جيش ومخابرات نظام الرئيس العراقي المعتقل صدام حسين) توقفت نسبيا لأن جنود وضباط الاحتلال تعبوا من عمليات حرب العصابات.

وعلى رغم أن المسئولين العسكريين الأميركيين لم يقدموا أرقاما دقيقة بشأن عدد دورياتهم فإن من الواضح أنه كان هناك نقص مهم في الدوريات. وقال كبير ضباط مخابرات الكتيبة الأولى من فيلق المشاة الأول الرائد توماس نيماير، وهو القوة العسكرية الرئيسية في منطقة الرمادي وشرقي الفلوجة «بعد فقدان العشرات من الجنود على يد مجموعات من الأشخاص الذين لا تظهر أصواتهم ولا وجوههم والذين ليست لهم قيادة واضحة أو هدف سياسي باستثناء قتل الأميركيين فإنه كان لزاما على الجيش أن يعيد تقييم الوضع»، مضيفا «أنهم لا يستطيعون من الناحية العسكرية التغلب علينا، ولكننا لا نستطيع توجيه ضربة قاضية أيضا».

وتقول الصحيفة إنه في ضوء الوضع الأمني فإن المسئولين الأميركيين تخلوا تقريبا عن خطط لتنصيب مجلس حكم محلي ديمقراطي في المدينة وهم يأملون بدلا من ذلك ألا يجتاح الإسلاميون والثوار الآخرون هذه المحافظة الواسعة بالطريقة نفسها التي سيطروا فيها على الفلوجة. وقال الناطق باسم الكتيبة الأولى النقيب جو جاسبر إنه «طالما أن الرمادي هي مقر المحافظة فنحن قلقون من أنهم إذا استطاعوا الإطاحة بمركز الحكومة هنا فإن باستطاعتهم زعزعة الاستقرار في محافظة الأنبار». وتشير الصحيفة إلى أن الفشل الواضح لقوات الاحتلال في إخضاع الأنبار التي تمتد من بغداد إلى الحدود السورية - الاردنية، سيكون تحديا رئيسيا للحكومة العراقية التي نصبتها سلطة الاحتلال الشهر الماضي، وقد يكون نقطة تحول للعراق ككل الذي يشهد سيطرة متزايدة للثوار العراقيين على مدن أو أجزاء من مدن.

ويعترف المسئولون العسكريون الأميركيون أن قوات الحرس الوطني الذي أقاموه باعتباره قوة أمن لملاحقة رجال المقاومة أصبحت خدمة لحماية مكانها حتى الآن وغير قادرة ولا راغبة في القيام بعمليات هجومية، كما يرفض القيام بأعمال الدورية لوحده أو مع قوات الاحتلال ولم يقم رجال الحرس الوطني في الرمادي الذين يبلغ عددهم 2886 باعتقال سوى شخص واحد حتى الآن.

وقال الكابتن في مشاة البحرية الأميركية (المارينز) تشارلس لافرسدوف الذي يعمل في وحدة استخبارات كتيبته إن الخفض الحاد في عدد الدوريات مغاير لما أبلغهم إياه مسئول عسكري كبير في بغداد من أن «أي ثائر يعتقد بشكل أو بآخر أننا بعد 28 يونيو/ حزيران سنتراجع إلى المعسكرات في القواعد سيخيب أمله، فهذا برنامج طويل الأمد عن تسليم المسئولية، ولن يحدث في أيام أو أسابيع بل سيستمر شهورا وسنوات».

وتؤكد الصحيفة نقلا عن العسكريين الأميركيين أن خفض الأهداف العسكرية والسياسية في محافظة الأنبار في العراق ألحق ضررا بمعنويات الجنود الأميركيين هناك وأخذ بعضهم يثيرون الشكوك علنا ليس فقط بشأن مهمتهم بل أيضا بشأن قادتهم الذين أرسلوهم إلى العراق في المقام الأول.

ومعظم القوافل العسكرية التي تترك قواعدها في الرمادي التي تبعد نحو 90 كيلومترا إلى الغرب من بغداد هذه الأيام تذهب لحراسة الطرق الرئيسية والمباني الحكومية في وسط المدينة، وهناك أيضا مراكز مراقبة في أنحائها كافة إذ يجلس الجنود ويراقبون وينتظرون حدوث شيء ما. كما أن نقل الطعام من قاعدة إلى قاعدة مجاورة لا تبعد عنها سوى مسافة بضعة مبان يتطلب أربع عربات مدرعة وسيارات شحن عليها مدافع رشاشة. وقال جندي أميركي «إنني قلق. ففي كل مرة نخرج فيها من البوابة فإن أحدا يحاول قتلنا». وقال جندي آخر «إنها أشبه بالغرب الأميركي عندما حاولنا تسوية الأمور مع الهنود الحمر». وعلى رغم أنه لم يوضح ما يعنيه فإن ضابطا برتبة نقيب كان يقف إلى جواره قال شبه مازح «إنه يعني أنه يتعين علينا أن نقتل الجميع».

من جهة أخرى يقول ضباط من قوات الاحتلال إنهم مصممون على ألا يدعوا مدينة سامراء تصبح نموذجا للفلوجة التي أصبحت عقب معارك ابريل/ نيسان الماضي تحت سيطرة رجال المقاومة. وقال قائد فرقة المشاة الأولى الجنرال جون باتيستي: «إننا لن نعقد مثل ذلك الاتفاق، والآن فإنها مدينة لا يسيطر عليها أحد، وسندبر الأمر، وفي النهاية ستكون هناك مدينة تحت حكومة مدينة مقتدرة». وقال ضابط استخبارات الفرقة العقيد جيمس ستاكمو: «إنها نظرية الورقة الطافية على الماء، فالفلوجة تصدر نفسها إلى سامراء والتي تصدر بدورها نفسها إلى مكان آخر».

وستحاول قوات الاحتلال توجيه عملية مشتركة مع قوات الأمن العراقية تقوم القوات الأميركية بموجبها بالاستيلاء على سامراء في هجوم قوي وبعدها سيقوم الحرس الوطني العراقي والشرطة العراقية بأعمال الدورية في المدينة. وقال مسئولون عسكريون «كان من الصعب ولايزال توجيه مفرزة من القوات العراقية بحيث تكون راغبة لقبول التحدي في سامراء». ويشير هؤلاء إلى أنه منذ هجوم المقاومة العراقية بمدافع المورتر في 8 يوليو/ تموز الجاري على مبان تستخدمها قوات الاحتلال والحرس الوطني فإن الكثير من أفراد الحرس الوطني تركوا عملهم بدلا من المشاركة في القتال في سامراء. ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» عن أحد سكان المدينة قوله «لا يوجد حرس وطني، والشرطة في المدينة تقوم بأعمال الدورية، ولكنهم يتلقون أوامرهم من المجاهدين». وقال آخر «الآن فإن المجاهدين والثوار يسيطرون على كل شيء».

ويعترف الأميركيون أن يوليو يتميز بزيادة مفاجئة في وتيرة الهجمات المعقدة ضدهم حتى مع تحول قوات الأمن العراقية ووزراء ومسئولي حكومة علاوي إلى أهداف أيضا، إذ أظهر رجال المقاومة قدرة أكبر على قطع طرق الامداد وعلى إجبار الأميركيين إلى تغيير تكتيكاتهم

العدد 688 - السبت 24 يوليو 2004م الموافق 06 جمادى الآخرة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً