العدد 688 - السبت 24 يوليو 2004م الموافق 06 جمادى الآخرة 1425هـ

معارضو بوش... تطهير ثقافي وحملات كره ومقاطعة

يحدث في هوليوود...

لوس إنجليس - أندرو غمبل 

تحديث: 12 مايو 2017

غالبا ما توصف هوليوود في الإعلام الأميركي بأنها موضع لنمو سياسات الجناح اليساري والمنشقين المعارضين للحكومة، ولكن ليس هذا هو ما يشعر به ايد غيرنون، وغيرنون كان منتجا تلفزيونيا في قناة CBS ومسئولا عن برنامج قصير يتكون من أربعة أجزاء يدور حول صعود هتلر الى السلطة وحصوله على القوة، وعرض في شهر مايو/ آيار 2003 أثناء اشتعال أزمة الحرب على العراق في أميركا بين المؤيدين والمعارضين لها، وصرح غيرنون في ذلك الوقت وأثناء مقابلة مع مجلة TV Guide إن توقيت عرض البرنامج كان مناسبا جدا.

وأكد غيرنون حينها أن «الفيلم يتحدث عن شعب تملكه الخوف الشديد، فاختار ان يتنازل عن حقوقه المدنية ويدفع بنفسه بقوة الى الحرب. لا أجد وقتا آخر أفضل من هذا لدراسة هذا التاريخ». كان هذا الأمر شديدا على الرئيس التنفيذي لقناة CBS ليزلي مونفيس التي قامت باقالته فورا، ولم تقدم له أية أسباب لذلك على رغم أنه لن تكون هناك أية مبالغة إذا قيل ان السياسة والرغبة الشديدة في عدم التحرش بإدارة بوش لهما علاقة بالأمر.

الممثلة الكوميدية جانين غاروفالو تعاني أيضا من تشدد هوليوود، فهذه الممثلة التي جعلتها آراؤها الصريحة عن الوضع في العراق هدفا لحملة رسائل إلكترونية ومكالمات قاسية أجبرت قناة ABC على تأخير عرض برنامجها الساخر Slice OصLife حتى منتصف موسم العام 2004، ومرة أخرى بدا قلق الشبكة من فقدان المشاهدين والمعلنين أكبر من رغبتها في الدفاع عن حرية تعبير أحد نجومها عن رأيه.

وهكذا أصبحت حياة هؤلاء الممثلين والإعلاميين الذين تحدثوا علنا عن قضايا سياسية حساسة - تحديدا موضوع العراق - معرضة للخطر، بالنسبة إلى غاروفالو فإن من أراد اسكاتها هي مجموعة Citizens Against Celebrity Pundits التي قامت بحملة نشيطة ضد أي شخص يعادي الحرب، ابتداء من مارتين شين الذي أدت آراؤه المعادية للحرب الى تحول الإعلان التجاري الذي يظهر فيه شين ليروج لأحد بطاقات التأمين الى ركام، وصولا الى سوزان ساراندون التي نحيت من كونها متحدثة في فرع فلوريدا لإحدى المجموعات الخيرية، الى زوجها تيم روبينز الذي استثني من الدعوة الى الذكرى الخامسة عشرة لعرض فيلم Bull Durham على الشاشة وذلك في قاعة National Baseball Hall of Fame لأن رئيس الصالة وهو السكرتير الإعلامي السابق في إدارة الرئيس الراحل ريغان، شعر بأن وجوده سيضعف معنويات الجنود الأميركان في العراق.

أما خارج عالم الأفلام، فقد قامت محطات الراديو القوية المرتبطة بروابط سياسية قوية مع البيت الأبيض بتنسيق حملات كره ومقاطعة ضد الكثير من المعارضين للحرب، كانت آخرهم فرقة ديكسي تشيكس، الفرقة الثلاثية التي جاءت من تكساس والتي أصبحت حياة عضواتها الثلاث مهددة، هذا عدا عن تضاؤل مبيعات الفرقة وذلك بعد تعليق المغنية ناتالي ماينز في احدى الحفلات في لندن في ابريل/ نيسان 2003 والذي ذكرت فيه انها تشعر بالخجل، لأنها أتت من المنطقة نفسها التي أتى منها الرئيس الأميركي. إحدى محطات الإذاعة وهيCumulus Media رتبت لتحطيم اسطوانات وأشرطة الفيديو والكاسيت التابعة لفرقة ديكسي تشيكس باستخدام شاحنة كبيرة (تراكتور) في حدث أعاد الى أذهان الكثيرين ما قرأوه أو سمعوه عن عمليات حرق الكتب التاريخية وعمليات التطهير الثقافي الأخرى. وكما أكد روبينز وهو أحد أكثر الأشخاص صراحة في عالم السينما في خطبته في نادي الإعلام الوطني في واشنطن في ابريل 2003 «أشعر بالقرف لسماع أخبار معاداة هوليوود لهذه الحرب، فالكبار في هوليوود والسماسرة الأقوياء والنجوم الذين تغطي صورهم أغلفة المجلات التزموا الصمت بشكل كبير حيال ما يجري في هذه الحرب». صحيح ان بضع عشرات من النجوم والموسيقيين البارزين المعارضين للعمل العسكري في العراق شكلوا مجموعة للمشاهير تسمى Artists United To Win Without War، ولكن هذه المجموعة لا تشكل سوى أقلية سواء في عدد أفرادها أو في قوتهم في مجال السينما. ولم يظهر هذا الأمر بشكل واضح كما ظهر في حفل توزيع جوائز الأوسكار للعام 2003 عندما تلقى أكثر نقاد الحرب صراحة مايكل مور صيحات الاستنكار هو وأولئك الذين رأوا بأنه من المثير للاشمئزاز الاستمرار في أجواء الإثارة والفرحة المخزية لحفل الأوسكار في الوقت الذي تسقط فيه القنابل على بغداد، إذ تم الاستهزاء بهم من قبل مضيف الحفل ستيف مارتن.

زوجة المحامي والكوميدي المشهور التي حضرت حفل عشاء حضرته نخبة من المشاهير قبل حفل الأوسكار للعام نفسه، ذهلت عندما وجدت ان معظم الحضور كانوا في الحقيقة مؤيدين للحرب بشدة، ونقلت قائلة «جميع من يسمون بالمتحررين في هوليوود كانوا هناك، وكانوا يطلقون النكات عن ناشطي السلام ويهتفون تشجيعا للجنود». طبعا ليس هناك خطأ في ان يكون ممثلو هوليوود أو المتنفذون فيها أقل تحررية من النموذج التقليدي لهم، ولكن مع ذلك هناك شيء مزعج فيما يتعلق بالطريقة التي يتم التلاعب فيها بصورتهم العامة وخصوصا من قبل السياسيين في واشنطن.

لفترة طويلة كانت هوليوود هدفا للمحافظين الذين كانوا دائما يلومون السينما بسبب العنف الناتج من استخدام الأسلحة أو الخلط الجنسي، الآن هناك محاولة لتصوير المشاهير المعادين للحرب بصورة مشابهة إذ يوصفون بأنهم أشخاص غير مسئولين وانهم يحصلون على الكثير من الأموال ولا يعرفون أي شيء لابقاء أفواههم مغلقة.

مايك فاريل الذي أصبح نجما لمرة واحدة في مسلسل Mash الذي أصبح الآن أحد أبرز الناشطين التحرريين، يرى أن هناك استراتيجية سياسية مميزة تعمل في هوليوود، وأكد قائلا: «الرأي الذي يقول إن هوليوود تتحدث بصوت واحد هو طبعا رأي سخيف، ولكن وجهة النظر التي تظهر باستمرار في الإعلام والتي تكون مجاملة للجناح اليميني هو ان المشاهير يستغلون منتداهم لنشر الآراء اليسارية، وهذا الأمر كله يتعلق باخماد المعارضين بميزان وطني. لا يهم بمقدار ذرة ما إذا كنا مشاهير أم لا، ولكن أشد ما يغيظهم هو ان لنا قدرة على الوصول الى الإعلام».

إن عملية الاكراه التي تعرض لها ايد غيرنون منتج قناة CBS أو فرقة ديكسي تشيكس كانت لها بالتأكيد آثار كثيرة، ففي الخطبة التي ألقاها روبينز أمام نادي الإعلام الوطني، استشهد ببعض مغنيي الروك اند رول والذين لم يسم أي واحد منهم وشكرهم على معارضتهم الصريحة للحرب، ولكنه قال إنه لا يجرؤ على فعل الشيء نفسه لأن سلطة مالك أكبر محطة راديو محلية لها أجندة بوشية لا تخجل من الافصاح عنها، وأضاف مغني الروك «انهم يروجون لحفلاتنا، ويملكون معظم المحطات التي تشغل موسيقانا وأنا لا أستطيع ان أقف ضد الحرب». وشبهت نقابة ممثلي الشاشة الجو السائد حاليا بذلك الجو الذي كان سائدا في عهد مكارثي والذي انتشرت فيه معاداة الشيوعية وصيد الساحرات وذلك في الخمسينات





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً