العدد 688 - السبت 24 يوليو 2004م الموافق 06 جمادى الآخرة 1425هـ

«خالتي فرنسا» بقيت الشتائم وغابت الفكاهة

أجمع نقاد السينما المصريون على أن فيلم «خالتي فرنسا» لعلي رجب وتأليف بلال فضل هو أسوأ فيلم عرفته السينما المصرية أخيرا فقد استهدف فئة «الشراشيح» من أجل خلق أجواء فكاهية عن طريق الشتائم فجاء الفيلم وصلة «ردح» مستمرة في الوقت الذي غابت فيه الفكاهة.

وتعرض الفيلم الى انتقادات لاذعة من قبل النقاد في مصر، وهي الانتقادات التي طاولت أيضا الممثلتين عبلة كامل ومنى زكي اللتين تقومان بدور البطولة فيه، في حين شدد مؤلف الفيلم بلال فضل على ان المقياس في الحكم على هذا العمل يعود إلى شباك التذاكر.

يتناول الفيلم الذي بدأ عرضه نهايات شهر يونيو/ حزيران الماضي فئة شعبية متخصصة في «الشرشحة» (أي التعريض بالشتائم والفضائح مقابل مبلغ مالي) ويقدم من خلال ذلك وصلات واسعة من السباب المستمر طوال فترة العرض «بطريقة لم نعرف فيها سوى الشتائم ولم نتعرف على ظروف حياة هذه الشريحة الاجتماعية» بحسب قول الناقدة حنان شومان لوكالة الانباء الالمانية (د.ب.أ). واعتبرت حسن شاه الناقدة في صحيفة «أخبار النجوم» أن الفيلم «يستحق أن يدخل موسوعة غينيس في ألفاظه السوقية. فالفيلم من أول لقطة فيه حتى آخر لحظة وصلة ردح متواصلة... وإذا أصبح كل شيء جائزا في عالم التأليف والإخراج السينمائي فلا اعتب على المخرج ولا المؤلف لأن من الواضح عدم قدرتهما على هذا المستوى الفني تأليفا وإخراجا».

ورأت حسن شاه في قبول عبلة كامل لبطولة الفيلم أنها «مسحت بدورها... تاريخها التمثيلي سواء السينمائي أو المسرحي والتلفزيوني حتى أنها لم تتميز بتأديتها هذا الدور. كذلك استغرب أن تقبل فنانة بمستوى منى زكي التي حققت نجومية لا بأس بها القيام بمثل هذا الدور الذي ادته في هذا الفيلم».

أما الناقدة أمينة شريف فقالت في حديث الى وكالة «فرانس برس» ان هذا الفيلم هو «الاسوأ في السينما المصرية خلال السنوات الأخيرة»، وتابعت ان الافلام من «هذه النوعية لن تستمر طويلا، وهذا الفيلم يعكس كما هائلا من الفجاجة والعبارات الموحية (بالجنس) ومن بينها ان - الشرف هو الشيء الوحيد الذي نملكه - بما يحمله ذلك من محاصرة لأوضاع المرأة بمعناها التحرري وفي الوقت نفسه يبيح كل الموبقات من أجل الحفاظ على مثل هذا الشرف المحدود».

واتهمت الناقدة شريف الممثلة عبلة كامل بأنها «استجابت لموجة المال بدلا من الوقوف في مواجهة تيار الانحدار» ودعت الممثلة منى زكي إلى ان «تعتبر من هذه التجربة والا تعيد تكرارها».

وعبر الكثير من النقاد عن آراء مشابهة للناقدة شريف مثل رفيق الصبان ومصطفى درويش في الكثير من الصحف والمجلات وقالوا ان الفيلم «خيب آمال الناس لكمية الصفاقة التي حملتها مشاهده وحواراته».

وردا على هذه الاتهامات قال المؤلف فضل «لم نكن مهتمين برأي النقاد منذ البداية لذلك وضعنا في دعايتنا عن الفيلم انه الفيلم الذي سيهاجمه كل النقاد». وأضاف فضل «بيني وبين النقاد خصومة كبيرة والحكم بيننا هو المقياس الذي يعتد به، أي اقبال الناس على الفيلم الذي حقق ايرادات جيدة خلال اسبوع عرضه الاول». وهاجم الفضل «المثقفين والنقاد لأنهم لا يحبون الأفلام الكوميدية وينحازون إلى الأفلام الكئيبة».

والفيلم يبدأ برواية منى زكي لتاريخ حياة عائلتها مصحوبا بمشاهد لخالتها فرنسا (عبلة كامل) وأمها ووالدها يسرقون ركاب الحافلات العامة ولوالديها أثناء قضاء عشر سنوات في السجن ثم وفاتهما في حادث سير خلال موسم الحج إذ كانا يمارسان مهنتهما في النشل.

وخلال ذلك يلقى القبض أيضا على منى زكي وخالتها ويفرج عنهما بعد أن يوظفهما ضابط الشرطة في تخريب مهرجان انتخابي لأحد المعارضين للسلطة والحزب الحاكم. بعدها يبدأ عملهما ضمن فئة «الشراشيح» التي تعمل على التعريض بالناس لمصلحة الآخرين بما في ذلك تخريب الأفراح.

ويستعين الضابط بمنى زكي مرة أخرى بعد أن يلاحقها ويهددها بالقبض عليها وتشريد أختها للتجسس على عصابة لتهريب المخدرات من خلال قيامها بالخدمة في قصر رئيس العصابة (سامي العدل). وهناك تتعرف على ابن زوجته وذراعه اليمنى (عمرو واكد) الذي يساعدها والشرطة في القبض على العصابة.

ويستخدم المؤلف صراعا بين الخير والشر بين منى زكي (بطة) التي تحاول تغيير حياتها وتتجه إلى التعليم وتبقى مصرة طوال الفيلم على أن تحافظ على شقيقتها وتسعى لخلق حياة أفضل لها بعيدا عن الحياة التي عاشتها إلا أن خالتها فرنسا تستطيع أن تحبط محاولتها في الاستقلال عنها.

ولكن قبيل نهاية الفيلم تتغير الخالة إثر القبض على عصابة المخدرات التي كادت أن تقتلها وكذلك علاقة الحب بين منى زكي وعمرو وقرارهما الزواج فتتحول في حفلة زفاف ابنة شقيقتها إلى صاحبة فرقة فنية تعمل في إحياء الأفراح.

ورأى النقاد ومنهم رفيق الصبان في محاولات المؤلف والمخرج الايحاء بأن الفيلم صراع بين الخير والشر إضافة «مصطنعة وحوادث مفتعلة ومزيفة تم الزج بها لتبرير وصلات الردح. فإذا كان الواقع الاجتماعي فاسدا فإن ما تدعو إليه بطلة الفيلم أكثر فسادا منه».

واعتبرت الناقدة أماني عبدالحميد ان «جمع الفيلم بين الشابة الفقيرة الشرشوحة وبين ابن القصور هو مثل الحلم الأبدي للخروج من المأزق الذي يعاني منه الشباب، كما انه مغازلة لهذا الحلم الذي لن يتحقق لملايين الشباب الذين لا يجدون عملا على رغم انتهائهم من دراساتهم الجامعية منذ بضعة أعوام».

ويعتبر الناقد أشرف بيومي ان «الفيلم» بضاعة لا قيمة لها في حياة المواطن العادي الذي يكدح طوال يومه كي يحصل على قوته ويعمل من أجل مستقبل أفضل لأبنائه بعيدا عن حلم كاذب بفارس يأتي على حصان أبيض وهو طبعا لن يأتي».

وقالت حنان شومان إنها لم تر في هذا الفيلم «أي عمل درامي لا من حيث التأليف ولا من حيث الإخراج حتى أنني كنت طوال المسافة الفاصلة بين دار العرض والمنزل أتساءل: هل قام منتجو الفيلم بتركيبه أم بقيت المشاهد كما التقطت لسوء الفيلم؟ ويكفي أن أشير إلى عبارة قالها أحد الحضور في دار العرض التي حضرت الفيلم فيها ومن المعروف أن روادها من الأوساط الشعبية، صرخ قبل نهاية الفيلم وهو يغادر القاعة (كفاية بقى يا فرنسا) لتعبر عن موقف الجمهور الرافض لمثل هذا الفيلم»





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً