يعتبر البعض تصريحات وزير العمل مجيد العلوي التي أدلى بها لـ «الوسط» في لقائه مع الزميل عباس بوصفوان انتصارا لموقف الحكومة، وإحراجا للمقاطعين مع جماهيرهم تحديدا، وخصوصا أن المخيلة الشعبية مازالت تحتفظ بذاكرة سيئة لتجارب حوار السلطة مع المعارضة.

الواقع أن هذا الفهم حدي للغاية، إلا أنه يحمل من الرجاحة ما يجعله صحيحا وخاطئا بدرجة ما في الوقت نفسه، فهو صحيح إذا ضيعت المعارضة بوصلة الحوار، وأصبحت تحاور من أجل الحوار، وتدفع في سبيل ذلك ماء وجهها، لتفقد صدقيتها وجديتها عند السلطة والناس معا، وهو خاطئ غاية الخطأ إذا أرسلت المعارضة رسائل جدية لا إعلامية بشأن مواقفها السياسية الثابتة، ومنها موقف المقاطعة، لأنها بذلك ترجع المسألة إلى البداية، وتضع السلطة أمام الخيارات الابتدائية التي أرادت وضع المعارضة فيها.

ينبغي أن تكون رسائل المعارضة بشأن الحوار والخيارات التي تليه مبكرة جدا، ومن أعلى الهرم السياسي والديني المعارض، كما أرسل العلوي رسالة الحكومة بشكل مبكر قبل البدء في تفاصيل الحوار في المسألة الدستورية، متجاوزا في ذلك ما اتفق عليه الطرفان بنص مكتوب، فرسالته الأخيرة عبر «الوسط» «بالونة اختبار» أوسع في فرقعاتها من تصريحاته السابقة.

إن الجميل في «بالونة العلوي» أنها كشفت موقف السلطة وأوراقها بشكل مبكر، وستكون المعارضة - إذا أجادت دورها التفاوضي - قادرة على امتصاص ضغوط السلطة، وتحريك ثوابتها السياسية والدستورية بشكل إعلامي أكبر، يساعد على وضع السلطة في الموقف الذي تقبل فيه الحوار أو ترفضه، ولا خيار ثالث لها كتمزيق المعارضة بسبب بالونات العلوي، وأهم نقطة جوهرية ألا تبدو المعارضة «مدلوقة» على الحوار بمقدار ما تؤكد الثوابت وتطالب بالضمانات، فالحوار خير للمعارضة، ولن تخسر فيه إذا أجادت أدوار الحوار، بل قد تتراجع السلطة عن الحوار خلف «بالونات» كبالونات العلوي