أحب أن أوجه الشكر إلى المحرر جاسم حسين على موضوعه في صحيفة "الوسط" العدد 426 السبت 22 مايو/ أيار 4002 في عموده "مؤشر"، لأنه على الأقل وعلى رغم سلبية المقال وافتقاره للموضوعية، فإنه فتح بابا يستطيع التعاونيون أن يلجأوا من خلاله إلى الحديث عن هموم العمل التعاوني في البحرين. أولا، سأبدا من ذيل المقال حين يقول: "اليوم لا شك يمكن اعتبار وضع الأموال في مجالات غير مربحة هدرا للثروات". والسؤال الذي ينبغي طرحه أولا: هل هذا المجال غير مربح فعلا كما يدعي صاحب المقال؟ إذا كانت الإجابة بنعم فلماذا نجد هذا التنافس المحموم والذي سيزداد مستقبلا؟ وإذا كانت الإجابة بلا فإن الواقع يؤكد عكس ذلك، إذ إن النتائج المالية لثلاث جمعيات تعاونية استهلاكية تبين وجود الربحية للسنوات الخمس الماضية، مع دخول الكثير من الشركات المنافسة في الأسواق البحرينية في السنوات الأخيرة. فوضع الأموال في هذا المجال مربح وتؤكده التقارير المالية للجمعيات التعاونية العاملة مثل "جمعية الحد وجمعية السنابس وجمعية الدير وكذلك البرادات التعاونية في بعض القرى مثل داركليب والمالكية". ثانيا، يقول الكاتب: "باختصار، يخطئ من يظن أن بمقدور الجمعيات التعاونية المنافسة وذلك نظرا إلى زيادة حدة المنافسة". لا أدري كيف توصل المحرر إلى هذه النتيجة وعلى أي أساس بنى وجهة نظره، إذ إن الواقع يخطئ وجهة نظره، لأن عدم وجود المنافسة في الماضي لم يؤد إلى نجاح الجمعيات، وان الكثير من الجمعيات لم تحقق أرباحا في بداية مسيرتها، والآن مع وجود المنافسة وفتح أسواق كثيرة مثل "جيان، المخازن الكبرى، آخر فرصة وغيرها من المحلات"، نرى أن الجمعيات التعاونية العاملة تحقق أرباحا بفضل الوعي التعاوني لدى المساهمين، فالمنافسة عامل نجاح وتحد وليس عامل فشل. ثالثا، يقول الكاتب: "إذا هناك فرق فيما يخص الصناديق الخيرية والتي تقدم الخير للكثير من المواطنين، وبين الجمعيات التعاونية التي تتنافس من أجل الربحية". وهنا أيضا نجد المحرر لم يوفق في مقارنته وتحليله، وأن الصناديق الخيرية التي تعتمد على التبرعات والاشتراكات فقط لن تستطيع أن تستمر في الوفاء بتلبية الحاجات المتزايدة للمحتاجين من أفراد المجتمع، وهذا ما دعا الكثير من الصناديق الخيرية إلى طرق باب الاستثمار لكي تستطيع مواصلة المشوار في عملها الخيري، وكثير من الصناديق أصبحت لديها روضات وأسواق ومحلات من أجل الحصول على دخل ثابت ومتنام لسد حاجات الكثير من المواطنين. والجمعيات ليست كما ذكرت بأنها تتنافس من أجل الربحية، ولكن من الطبيعي أن تسعى الجمعيات إلى تحقيق الأرباح لكي تتمكن من مواصلة عملها التعاوني وتحقيق أهدافها، والذي هو مدون في قانون التعاون وفي الأنظمة الأساسية للجمعيات التعاونية، ولا أعلم مدى اطلاع المحرر على تلك القوانين. فهل تعلم أن 01 في المئة من صافي الربح يخصص لتحسين شئون منطقة عمل الجمعية، و5 في المئة مخصص لشئون التعليم والتدريب، و5 في المئة مخصص لمكافآت العاملين، و02 في المئة ربح على رأس مال المساهمين، و52 في المئة عائد على مشتريات الأعضاء؟ علما أن جميع الأعضاء في الجمعيات التعاونية من البحرينيين. وان أكثر من 59 في المئة منهم من ذوي الدخل المحدود، وأن نسبة البحرنة في الجمعيات التعاونية تعتبر كبيرة جدا مقارنة بالمحلات الأخرى. وسأطرح عليك بعض الأرقام التي تخص جمعية تعتبر متواضعة من حيث المبيعات والإمكانات وهي جمعية الدير التعاونية الاستهلاكية، إذ تبلغ مبيعاتها السنوية 000083 دينار، علما أنها الجمعية الوحيدة التي لا تدير محطة محروقات، وأترك التعليق للمحرر. 1- مجموع ما صرف على الرواتب خلال السنوات الثلاث الماضية يبلغ 00054 دينار، ونسبة البحرنة 09 في المئة، علما أن نسبة البحرنة في الأسواق الكبيرة التي تتجاوز مبيعاتها الملايين سنويا من 02 إلى 04 في المئة فقط، ومشاركتها في العمل الخيري لا تكاد تذكر. ولعمري كيف تدعو إلى انسحاب الجمعيات وغلقها وترك المجال أمام تلك الشركات لكي تنفرد بالأسواق؟ 2- مجموع ما خصص لتحسين شئون المنطقة خلال السنوات الثلاث الماضية 0004 دينار "إن الجمعية تساهم سنويا وبشكل ثابت في تكريم المتفوقين، حملة التبرع بالدم، المشروعات التي تقيمها الصناديق الخيرية في المنطقة، المسابقات التي تجري في منطقة عملها، المساهمة في بناء وصيانة المساجد، أنشطة المآتم وغيرها". 3- مجموع ما خصص كأرباح للمساهمين سواء عائد على رأس المال أو عائد على المشتريات للسنوات الثلاث الماضية يبلغ 00061 دينار. رابعا، نرجع إلى ما بدأه الكاتب في قوله: "لا يوجد مستقبل يذكر للجمعيات التعاونية في النشاط التجاري في البحرين". لماذا لا يوجد مستقبل للجمعيات التعاونية في البحرين؟ ولماذا نجحت الجمعيات التعاونية في دول الخليج؟ حبذا لو تحدث المحرر عن النجاح هناك وعن الفشل هنا. ويتحدث الكاتب هنا عن العولمة وإزالة القيود والمنافسة. وقد أشرت باختصار في النقطة الثانية، وهنا أحب أن أطرح سؤالا على المحرر: أيهما أفضل، الاحتكار والقيود وتحكم الوكلاء السائد الآن في أسواق البحرين، أم الانفتاح والمنافسة الحرة وتكافؤ الفرص للجميع مستقبلا؟ خامسا، النقطة الأخيرة ستكون بشأن قوله: "لقد اتضح من تجارب الماضي أن الكثير من الجمعيات التعاونية اضطرت في نهاية المطاف إلى الخروج من السوق". نعم، كلام صحيح انسحاب بعض الجمعيات من السوق، وبحسب معلوماتي فإن الوضع كالآتي: - انسحاب جمعية المحرق، جمعية سترة، جمعية الرفاع، وجمعية الدراز. - اقتصار جمعية جدحفص وجمعية عالي وجمعية مدينة حمد وجمعية مدينة عيسى، على محطات الوقود وخدماتها. - استمرار جمعية الحد وجمعية السنابس وجمعية الدير في العمل في قطاع البيع. كنت أتمنى من الكاتب أن يكون عموده أداة بناء وأداة تطوير وإثراء للحركة التعاونية في البحرين، وليس دعوة إلى هدم الصرح التعاوني. كما كنت أتمنى أن يدعو المحرر إلى تقييم التجربة التعاونية ودراستها دراسة متعمقة لمعرفة أسباب الفشل وأسباب النجاح، بدلا من أن يختزل مسيرة الحركة التعاونية في البحرين، التي تجاوزت العقدين من الزمن، في كلمة "هدر للثروات". * رئيس مجلس إدارة جمعية الدير التعاونية الاستهلاكية
العدد 685 - الأربعاء 21 يوليو 2004م الموافق 03 جمادى الآخرة 1425هـ