العدد 685 - الأربعاء 21 يوليو 2004م الموافق 03 جمادى الآخرة 1425هـ

مواءمة الحرب على الإرهاب مع حقوق الإنسان

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

منذ الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول 2001 والحوار على مستوى العالم يدور حول إمكان المواءمة بين ضرورة الحرب على الإرهاب من جانب وضرورة احترام حقوق الإنسان من جانب آخر. والأمم المتحدة لديها حاليا حزمة من المعاهدات الدولية الخاصة بمكافحة الإرهاب (وهي قرابة عشرة اتفاقات، ووقعت البحرين أكثرها)، وفي الوقت ذاته لديها حزمة من المعاهدات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان (ووقعت البحرين أربعا منها ووعدت باعتماد العهدين الآخرين في أقرب وقت).

حزمتان من الاتفاقات، واحدة تطالب باجتثاث جذور الارهاب وضربه بيد من حديد، وواحدة تطالب باحترام حقوق الإنسان - أي انسان بغض النظر عن لونه أو اعتقاداته أو أصله أو فصله - وتوفير الضمانات لكرامته.

الحوار ليس خاصا بالبحرين أو الدول العربية، بل هو الحوار ذاته في أميركا وأوروبا والجميع يتساءل ما اذا كانت حقوق الإنسان قد تدهورت بحجة محاربة الإرهاب؟

الوضع في أميركا - وكما يوضح الفيلم الوثائقي المعروض حاليا في السينما «فهرنهايت 11/9» - ليس حسنا بالنسبة الى حقوق الإنسان وخصوصا بعد اصدار قانون يعطي صلاحيات استثنائية لوزارة جديدة انشئت بعد 11 سبتمبر باسم «وزارة الأمن الداخلي». عدد من البلدان الأخرى التي تود الاستمرار في حرمان شعوبها من الديمقراطية وحقوق الانسان استفادت من الوضع وبدأت تقول - علانية - ان أي اصلاح ديمقراطي سيعني وصول الاسلاميين أو المتطرفين، ولذلك فإن على الغرب ان يتوقف عن مطالبة هذه الدول بتحسين حقوق الانسان.

وكما قال لي مسئول أوروبي في أحد الاجتماعات إن احد المسئولين في إحدى البلدان العربية يقول له بكل صراحة «الديمقراطية تضركم في أوروبا وتضرنا في الحكم والأحسن ان نركز على الاقتصاد فقط».

الحيرة في عقر الدار الاميركية، ولذلك خرجت علينا الإدارة الاميركية بمشروع لاصلاح الشرق الأوسط سياسيا واقتصاديا، وهو ما رد عليه مستشار الأمن القومي السابق زبيغينو بريجنسكي في مقال اشار فيه الى ان ذلك يعني تسليم الحكم وتغليب كفة الحركات الإسلامية في كل الدول العربية.

مدرسة أخرى في أميركا ترد على بريجنسكي وتقول ان الحركات الاسلامية ليست واحدة. وفي الوقت الذي يمكن التفاهم مع من لا يحمل السلاح، فإن الحرب هي اللغة التي ستستخدم مع من يلجأ للعنف وسيلة لتحقيق الاهداف. بين هذا وذاك فإن لدينا معسكر «إكس - راي» في غوانتنامو، وتسليم متهمين من أميركا الى دول عربية، وحدث ما حدث في سجن أبوغريب وتحدث في كثير من الاماكن امور لا يمكن القبول بها لأنها تناقض المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان.

الولايات المتحدة مازالت من الدول التي تحتاج لترتيب وضعها مع المجتمع الدولي، فهي التي مازالت لم توقع أحد العهدين الدوليين (العهد الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية)، وهي التي حاولت عرقلة اتفاق محكمة الجنايات الدولية، وهي التي غلبت مصالحها الاقتصادية على اتفاقات حماية البيئة الدولية، وهي التي سمحت لنفسها بأن تعطي تفسيرا آخر لمعاهدة فيينا بحيث سمحت بأساليب تعذيب للمعتقلين. أميركا ذاتها ليست وحدة واحدة، فالأمر مختلف لديها، وأوروبا تقف موقفا أكثر انسانية ولا تتخذ قرارات مضخمة تأتي بالنتيجة العكسية.

إننا ضد الارهاب وضد العنف وضد استخدام الوسائل غير السلمية في العمل السياسي على المستوى الوطني وعلى المستوى الدولي، ولكننا ايضا ندعو الى الالتزام بما جاء في المعاهدات الدولية لحقوق الانسان من دون اخضاع ذلك لتفسيرات غير سليمة

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 685 - الأربعاء 21 يوليو 2004م الموافق 03 جمادى الآخرة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً