العدد 685 - الأربعاء 21 يوليو 2004م الموافق 03 جمادى الآخرة 1425هـ

الفنان عبدالكريم البوسطة: شرارة الرواد حولت البياض إلى ألوان

لم تقف أهمية جيل الرواد عند حدود التأسيس للفن التشكيلي في البحرين، وانما تعدت الى الآفاق الأرحب التي عبرت عنها ريشتهم وألوانهم، والى تأثيرهم على من جاء بعدهم من هواة هذا الفن البديع. فكل ما حققته الحركة التشكيلية البحرينية من تميز وحضور جاء نتيجة التأسيس الذي قام به هؤلاء المخلصون. وتزيد من هذه الأهمية أن الظروف وقتها لم تكن ملائمة والنظرة الى الفن التشكيلي كانت نظرة دونية ومع ذلك كان الاصرار حافزهم الى العطاء بلا حدود. والفنان التشكيلي البحريني عبدالكريم البوسطة أحد هؤلاء المخلصين الذين تعدى الفن عندهم مجرد الهواية الى أسلوب حياة متجددة العطاء وخصوصا أنه زاول مهنة التدريس ولم يبخل بشيء من معارفه ورؤاه في تعليم الأجيال من الفنانين الذين تخرجوا على يديه وأيدي زملائه الرواد. في هذا اللقاء يأخذ بنا البوسطة الى تلك الأيام الأولى من عمر الفن التشكيلي البحريني، مارا على الحركة التشكيلية الحاضرة مبينا وجهة نظره في الوسائط الفنية الجديدة ومتكلما عن بعض خصوصيات أعماله الفنية... نفرد هنا اللقاء: فلنبدأ أولا بالحديث عن الفترة الأولى التي تفتحت فيها مواهبك على الفن والمناخ الذي كان سائدا وقتها؟ - إن الفرد منا يعيش ضمن واقع يكون له تأثير كبير على احساسه ورؤاه فيثير فيه نوعا من اللغة تترجم بعدة أمور وخصوصا مع البدايات، فيمكن أن يعبر عنها بحركات بهلوانية أو مغامرة وربما يعبر عنها على شكل أصوات، ولكن بالنسبة إلي كان الرسم الهاجس الذي سيطر على مشاعري، فكنت أشعر حينما أمسك بقطعة فحم وارسم بها على الجدران لتتكون صورة ما، ان هذه الصورة كانت تشعرني بكياني الخاص اذ استطعت تكوين شيء من خلال هذه الخامة، طبعا كانت هناك تأثيرات أخرى للبيئة التي عشت فيها، فوجودي في قرية رأس الرمان في زمن الغوص والبحر ونشاطه، مع رؤيتي للبحار وصلابة وسمرته ومغامراته وبعد نظره حينما يقف عند البحر، وينظر الى السماء والى امتداد البحر، وما كنت اشعر به وقتها من ثوابت بين الظل والصورة، بما كان يمنحني من الشخصية الانفعالية التي لا تزال مستمرة، وهي عملية حركية ديناميكية، في التأثير على المشاهد، كل هذا يعتبر مثيرا من مثيرات المشاعر، وطبعا مع مرور الزمن وبفعل التواصل تبدأ الخصوصية هنا بالتكون. أنت من جيل الرواد، فهلا أطلعتنا على الدور الحقيقي الذي قام به الرواد؟ - لا شك في أن لهم دورا حقيقيا كبيرا ومهما، فاستمرار الحركة التشكيلية في البحرين هو نتاج تأسيس البذرة الأولى، لأن الرواد هم من بدأوا شيئا اسمه الرسم، والرسم على لوحة الحامل تحديدا فهم الذين حملوا مسئولية الحركة وتحملوها، في الوقت ذاته لم يعش هؤلاء الفنانون داخل المراسم الخاصة بهم بل اتخذوا من الطبيعة المرسم والحوار، متعلمين منها كل ما يحتاجه الفنان من ألوان وظلال الى منظور الى نسبة الى تكوين الى تصميم، فمن هؤلاء الفنانين انطلقت شرارة الحركة التشكيلية في الوقت الذي كانوا فيه يعانون من بعد المناطق التي كانوا يقصدونها والنظرة الدونية والتوجس الذي كانوا يقابلون به، فقد كان بعض الناس ينظرون اليهم على أنهم يقصدون إزالة بيوتهم، بينما البعض الآخر كان ينظر اليهم بترحيب حين كانوا يفهمون مقاصدهم في تسجيل هذا التراث ليبقى هذا الأثر في اللوحة التشكيلية كما هو في الصورة الفوتوغرافية، وهؤلاء الفنانون تعلموا من ذواتهم فحولوا اللوحة البيضاء الى لوحات لونية، فالرواد أسسوا لكل هذا وذهبوا الى جميع المناطق من قرية الى مدينة الى مقهى الى كل مكان فيه حيوية ونشاط. وهناك بعض الفنانين الذين ذهبوا الى الخارح وجاءوا بتعليمات جديدة ومعاصرة ولهم دور كبير في الحركة التشكيلية الى جانب الرواد، ولكن أساس كل ذلك هم الرواد. وما رأيك في الحركة التشكيلية الحاضرة اليوم في البحرين؟ - هناك مجموعة من الفنانين أرادوا الحفاظ على نوع معين تكون له طبيعته الخاصة التي تتخذ المشهد من الطبيعة، ولكنهم لم يقوموا فقط بنقل المنظر الطبيعي بل ان بعضهم أضفى عليه اختزالا ولونا معاصرا والبعض الآخر بدأ بالبحث عن ذاته ونشاطة الفكري وحاول أن يبرزه بنوع من المعاصرة أو لغة العصر، فالفنان هنا يبحث عن أسلوب يتوافق مع شخصيته الخاصة فأصبحت له رؤية معاصرة جعلت له لونا من التصميم والعمل الفني المغاير، وهناك فنانون بحرينيون أجادوا في ذلك، وما يشهد على ذلك أن هناك مشاركات مهمة لهم خارج البحرين، والعالم المعاصر يستجيب لها، اذا أنت في تطور فلا تشعر أنك متخلف عن الفنان العالمي في بيئته أو بلده، فالفنان البحريني هنا مع ابرازه وتحقيقه بيئته وكيانه يبرز هذه المعطيات، والأدوات في تحصيل اللوحة بشكيلة معاصرة تتوازن مع اللوحات العالمية في كل مكان في العالم. الوسائط الفنية الجديدة كأفلام الفيديو والتصور والرسم عن طريق الانترنت، كيف تنظر إليها وللمشتغلين عليها؟ - بعض الأعمال الفنية لا يحتاح اليوم الى موهية بل تحتاج الى تحقيق فكرة وهذه الفكرة لها جمالها الخاص، وأعمال الفن التجميعي أو التركيبي أو الفيديو تحتاج الى فكرة والفكرة تخلق لها عالمها الخاص ولكن بأدوات مطروحة نستخدمها نحن جميعا كبشر فيكون لها تأثيرها كما حدث مثلا لفنان من السويد حينما صنع حوضا من الماء ذي لون أحمر ووضع فوق سطحة صورة استشهادية فلسطينة فأثار هذا العمل السفير الاسرائيلي، والفنانون القائمون على هذه الأعمال مثل أنس الشيخ أعمالهم محترمة ولها دور فكري وسياسي، فهي أعمال تحتاج الى تراكم المعلومات بحيث أن هذا التراكم لا يصبح مجرد شيء ينظر اليه بشكل فارغ. وبصفتك مدرسا، ما هو رأيك في المناهج الدراسية المتعلقة بالتربية الفنية، وهل أنها فعلا تنمي احساس الناشئة بالفن؟ - لا أستطيع القول انها مناهج ولكن يمكن القول انها برنامج أو دليل يوصل نوعا من الايضاحية الفنية، اذ يجب أن يكون هناك تركيز على المادة النظرية الى جانب العمل، بحيث تكون هناك لجنة من المدرسين البحرينيين الذين يجب عليهم وضع برنامج مدروس دراسة جيدة، فالنظرة السابقة الى مدرس التربية الفنية في كونه مجرد معلم للرسم لاتزال قائمة، فيجب أولا أن تكون هناك رؤية صحيحة تجاه المدرس لكي يستطيع العطاء. لماذا نجد لدى عبدالكريم البوسطة وعائلة البوسطة ولعا برسم الحصان؟ - كان جدنا يمتلك حصانا أبيض جميل الشكل، حصان عربي أصيل، فترك ذلك أثره وترسب في جيناتنا، فوجدنا أن الحصان هو أجمل الحيوانات في السرعة والمنفعة والقوة والجمال، وكل جزء من الحصان له علاقة بتكوين الحصان نفسه، وكلها معالم فنية فلسفية، فهذا الحصان يهز دائما مشاعرنا، وهو نبراس مهم في مجال تحريك هذه الصفات في حياة الانسان والرسول الكريم "ص" يقول: "الخيل معقود في نواصيها الخير".


البوسطة في سطور

من مواليد ،2491 من رواد الحركة التشكيلية في البحرين وعضو مؤسس في جمعية خزافي البحرين، له أعمال وتجارب في الفن التشكيلي بدأت منذ العام 2691 وحتى الآن، وشكلت المنهجية في الأسلوب والأدوات والتقنيات ووسائل التحقيق وحصيلة الفكر الذاتي من رؤية المدارس الحديثة والفن الاسلامي وآنية الذاتية، له مجالات عدة في مسارات فنون الطباعة والخزف والفنون التشكيلية، وأقام مجموعة كبيرة من المعارض الشخصية والثنائية والجماعية الداخلية والخارجية، وحصل على ميداليات وجوائز عدة في المجال الفني والتشكيلي والطباعة والخزف، كما حصل على الجائزة التقديرية لمعرض الفنون التشكيلية للفنانين البحرينيين في العيد الوطني الرابع عشر





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 10:33 ص

      شكر للفنان

      شكر كبير وحاد للفنان عبدالكريم البوسطة لاني اعجبت بلوحاته الفنية الي شفتهاا على النت وحبيت اقول ليه يسوي لوحة تعبر عن مشاعر

    • زائر 1 | 10:27 ص

      معلومات عن عبد الكريم بوسطة

      هو فنان بحريني قديم من مواليد 1942و هو ممن رواد الحركة التشكيلية وعضو مؤسس في جمعية خزافي البحرين، له أعمال وتجارب في الفن التشكيلي بدأت منذ العام 1962وحتى الآن

اقرأ ايضاً