العدد 683 - الإثنين 19 يوليو 2004م الموافق 01 جمادى الآخرة 1425هـ

المحاصصة أفضل من اتحادين للصناديق الخيرية

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

اللجنة التحضيرية للاتحاد العام للصناديق الخيرية بصدد التقدم إلى وزارة العمل والشئون الاجتماعية لاشهار الاتحاد بعد استكمال متطلبات التأسيس والحصول على موافقة 49 صندوقا من أصل 70 صندوقا خيريا تغطي جميع مناطق البحرين.

هذا الخبر مفرح، غير أن بعض الصناديق التي لم تشترك في اعمال التأسيس اشارت إلى انها قد تسعى إلى انشاء اتحاد آخر، والاشارة واضحة إلى التقسيم المذهبي للصناديق التي يطغى عليها الجانب الشيعي. وعلى رغم ان الاحصائية لا تتم على اساس مذهبي، فإن الواقع يقول إن الصناديق الخيرية اما انها شيعية أو سنية ولا يوجد صندوق واحد مشترك، والمناطق التي يسكنها مواطنون من الطائفتين، مثل مدينة حمد ومدينة عيسى، يتم انشاء صندوقين أحدهما للشيعة وآخر للسنة.

الموضوع معقّد وله جذور عدة، وربما لو أحسنا التصرف مع انشاء الاتحاد نكون ساهمنا في حل واحدة من المعضلات التي مازالت تفرق بين المواطن واخيه المواطن في البحرين. والمفارقة هي أن الصندوق الخيري يعتبر أفضل أنموذج للجمعية الأهلية الناجحة، اذ استطاعت الصناديق توفير غطاء للفقراء والمحتاجين، ومن ثم بدأت مشروعات استثمارية ضمن خطط واعية تهدف إلى التنمية الاجتماعية.

الصنادق شرعت في السنوات الاخيرة في مساعدة طلاب الجامعات وتساند طلاب المدارس من العوائل المحتاجة (الحقيبة المدرسية، وشراء الملابس والزي المدرسي) وتبتعث المحتاجين للعلاج وتساعد في صيانة المنازل وتساهم في تزويج ذوي الدخل المحدود وتوزع معونات شهرية وموسمية للعوائل المحتاجة، وتدير مشروعات تقوية للطلاب المحتاجين للمساعدة خلال فترات العطلة، وتنظم مشروعات التبرع بالدم ... وباختصار فان الصناديق تعمل الآن على اسس متطورة ضمن ما يسمى «بالتنمية المستديمة» للمجتمع.

غير أن هذا النجاح للعمل الاجتماعي مأسور بالطائفية، وكأن الله كتب علينا اطارا أضيق من دينه ورحمته التي وسعت كل شيء. فهناك اشكالية فقهية وهي مسئولية علماء الدين، ترتبط بالفتاوى الخاصة بالحقوق الشرعية من صدقات وزكاة وخمس وغيرها. وينبغي ألا نستسهل هذا الامر لأن اخراج الزكاة، مثلا مرتبط بالفتوى الشرعية، فإذا لم تكن هناك فتوى تقول بكل وضوح ان المؤمن الذي يدفع من ماله من اجل الفقراء يجوز ان يدفع إلى اي فقير بغض النظر عن مذهبه، فان الصندوق الخيري لن يستطيع الخروج من الاسر.

ثم هناك الجانب العملي، فالأقربون أولى بالمعروف، وكل قرية وكل حي اولى بأهله، ولأن كثيرا من المناطق البحرينية موزعة ( بصورة تاريخية) على اساس مذهبي فان الواقع يفرض نفسه أيضا، وهذا أمر لابد ان نتعايش معه، ولكن من دون ان نوسعه ونمأسسه أيضا.

الخطورة هي في الاستسلام لأمر خاطئ وتكوين اتحادين للصناديق الخيرية، أحدهما شيعي وآخر سني، لأن ذلك مضاد لروح الأخوة الدينية وروح الأخوة الوطنية. وشخصيا إنني أحبذ ان تكون هناك محاصصة تمنع اكتساح الشيعة كل المواقع القيادية في الاتحاد. وحتى لو اضطر المؤسسون إلى ان يخلقوا عرفا بينهم بأن يتناوب على رئاسة الاتحاد كلا المذهبين على التوالي فان ذلك افضل بكثير من خلق اتحادين.

اننا نعيش في عالم يقترب من بعضه الآخر، ويجب ان نعمل ما بوسعنا لنقرب ما بين بعضنا بعضا، لاننا انسانيون ومسلمون وابناء بلد واحد، ويجب ان نخطو خطوات جريئة لتأسيس كيانات موحدة لا تعترف بالتفريق على اساس المذهب او العرق او القبيلة او اللون او أي شيء آخر نخلقه نحن لأنفسنا ونتخذ منه وسيلة للتفريق بدلا من «التعارف» فيما بيننا.

الله سبحانه وتعالى يقول في كتابه المجيد: «يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا» (الحجرات: 13)... فليكن الاتحاد للتعارف وليس للتفريق، وليكن الاتحاد من اجل خير الجميع

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 683 - الإثنين 19 يوليو 2004م الموافق 01 جمادى الآخرة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً