يمكن أن يستشف الكثير من خلال الحديث الذي أدلى به وزير العمل مجيد العلوي إلى صحيفة "الوسط" أمس. ويختلف ذلك باختلاف الزاوية التي ينظر منها. زاد كلام الوزير حيرة المعنيين، بما في ذلك بعض الوزراء الذين يسمعون أن حوارا يجري مع جمعيات أربع وتسع، ولا يعرفون هدفه، لأنهم لم يعتادوا أن تناقش القضايا الكبرى في مجلس الوزراء... ويقال مثلا إن حوادث التسعينات التي قلبت البلد عاليها سافلها لم تناقش أبدا داخل المجلس. ربما خفف الوزير من الشعور السلبي الذي راود بعض الجمعيات المشاركة، وأدركوا الآن أن الحكومة لن تتخلى عنهم، وأنهم ليسوا "أي كلام مئة في المئة". كذلك هو وضع بعض النواب الذين كانوا مستعدين إلى لعق الأحذية لينضموا إلى قافلة الحوار، على رغم أنهم أكثر من في البلد، نظريا وقانونا، تأهيلا ليتقدموا بمشروعات لإجراء تعديلات دستورية، دونما حاجة إلى منة أحد، غير أن هؤلاء نسوا أنهم نواب، ويحتاج تذكيرهم بدورهم إلى أكبر من المطالبة باستقالتهم، لفشلهم المتتالي في حمل أعبائهم. بيد أن أكثر الرسائل وضوحا في حديث العلوي، وهو السيناريو الذي لا يمكن استبعاده، وإن استبعدته بعض قوى المقاطعة عمليا، هو أن الحوار الدائر قد يكون من أجل الحوار أولا، وربما آخرا... وقد يأخذ في طريقه أمورا أخرى مثل ضمان الهدوء ثمانية أشهر، وتلبية مطلب الحوار، وحفظ مياه أوجه... وأهدافا أكثر عمقا ليس أقلها تعرية مواقف المقاطعين أمام الناس، والأهم أمام الحكومة، التي ستتمكن من معرفة سقف الجمعيات وأولوياتها، ومدى الانسجام بينها، عل ذلك يقود إلى هدف أسمى: تقسيم المقاطعين أنفسهم إلى مشاركين ومقاطعين، وفي هذا خير كثير، وخصوصا أن أحد الخيارات الحكومية هو إجراء تعديلات دستورية ما، إما من خلال الحوار الدائر أو خارجه، لأهداف كثيرة. إن نجاح المقاطعين لا يتم بمجرد قبول الحكومة الجلوس معهم لوحدهم، وربما يكون في ذلك شرك كبير، لن يدرك إلا إذا طار الديك
العدد 681 - السبت 17 يوليو 2004م الموافق 29 جمادى الأولى 1425هـ