هناك الكثير من الأمور التي لا تعجب المواطن البحريني في بلده... وقد تكون النعرة الطائفية هي أوجعها بل أكثرها تفشيا للأسف داخل مجتمعنا الصغير. فهي لا تخلو من أحاديث المجالس أو الملتقيات أو حتى في كتابات البعض الصحافية التي لم تشبعها مقالاتها ومعلقاتها الطويلة من داء بحريني اسمه الطائفية.
كنا نعتقد أن ممارسة الطائفية ستقل نوعا ما مع عهد الإصلاح لكن يبدو أن هذا الداء لايزال البعض يحبذ ممارسته ضد فئة دون غيرها في شتى النواحي الحياتية.
حتى ان ذلك يخرج من الأفواه على هيئة نكات تستخف بمن ينتمي إلى هذه الفئة أو تلك إلى الكتابات الصاروخية في الصحافة التي يعتقد أصحابها أنها تصحيح للأمور وهو أمر لا يعالج عبر دس مفاهيم العضوية وتعزيز الطائفية بأطروحات ملتوية تثير الحساسيات داخل المجتمع.
هذا الداء حقيقة وواقعا لا يغيب عن أذهان الجميع وهو ممارس بشكل تشمئز منه الفئات والأجيال التي تتمسك بمبدأ الوحدة الوطنية أو التي تنتمي لكلا الطرفين حتى أصبح موضوع الوحدة الوطنية حلما وكلاما جميلا يكرر فقط في المناسبات... وحتى ممن مورست ضدهم أساليب الطائفية تجدهم مع مرور الوقت تطبعوا بهذ الداء ومارسوه على الفئة الأخرى ليتحول إلى لعبة القط مع الفأر.
هذه الأساليب وغيرها نجحت في تعزيزها وتصديرها الدول الامبريالية الكبرى التي غرست فتيل العنصرية ابان الحقب الاستعمارية المختلفة وتبنتها فيما بعد الأنظمة لتمارسها بحق شعوبها، غير أن آثار العنصرية التي تنحدر منها الطائفية قد تكون أشد ضررا من الناحية النفسية إذا ما قورنت بالضرر الجسدي. فالمجتمع البحريني لايزال يعاني من تراكمات الحقب السابقة وسياسة الإصلاح لن تجنى ثمارها وتتبلور نتائجها بشكل إيجابي إلا بعد أن تكون هناك صورة واضحة ومواجهة جريئة لمشكلات واقعنا ومعالجتها داخل البيت البحريني.فالإصلاح لابد أن يكون اجتماعيا قبل أن يكون سياسيا لأن الحرية السياسية لن تعزز طالما تغيبت عنها الحرية في التعامل وفي المعتقد وفي الطائفة وغيرها وحتى يسهم الجميع في بناء سياسة واضحة المعالم مبنية على احترام جميع الأطراف وليس على تقليل شأن الطرف الآخر.
فالعقلانية تحتم على البحرينيين بذل المزيد من الجهد لتحقيق روح الأسرة الواحدة التي لا تتحقق إلا بعد ما تتحقق الوحدة الوطنية بين فئات الشعب... ببساطة إن لم نعرف كيف نستخدم أدوات الانفتاح والإصلاح في هذه المرحلة فقد ننذر بخطر مقبل إن أساء البعض هذه الأدوات... أما داء الطائفية وبروز آثارها بين الحين والآخر في بعض المجالس أو الملتقيات وغيرها، ما هي إلا جرس إنذار... والسعي لإبرازها معناه ان مرض الطائفية قادم
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 680 - الجمعة 16 يوليو 2004م الموافق 28 جمادى الأولى 1425هـ