من حق التجار أن يدلوا بدلوهم في الحياة السياسية في البحرين نظرا إلى الدور الحيوي الذي يلعبه القطاع التجاري في المجتمع، بل إن مشاركة التجار مفيدة لأنها تمنحهم فرصة إبداء آرائهم في القضايا التي تطرح تحت قبة البرلمان شأنهم في ذلك شأن أية فئة أو مجموعة أخرى في البحرين. وتعتبر مشاركة التجار أيضا تعزيزا للمسيرة الديمقراطية في البلاد بقيادة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة. في الحقيقة باتت مشاركة التجار مسألة حيوية وذلك على خلفية بعض الآراء التي تمت مناقشتها في البرلمان على مدى السنتين الماضيتين. فلوحظ تبني مشروعات قرارات تعوق النشاط الاقتصادي في البلاد، إذ وصل الأمر إلى أن أصبح الشغل الشاغل لبعض النواب هو تضيق الخناق على مصالح التجار. خذ مثلا قرار زيادة عدد أيام العطل الرسمية ليومين إضافيين، إذ ارتفع إلى خمسة عشر يوما في السنة. صحيح أن هذا القرار يفيد الموظفين، لكنه في الوقت نفسه يضر الحركة التجارية في البلاد ويسيء لسمعة العاملين البحرينيين الذين يعرف عنهم في المنطقة على أقل تقدير أنهم على استعداد للعمل لساعات طويلة في اليوم. هذا ما نراه في مجال الخدمات المالية إذ يلاحظ أن بعض العاملين من الذكور والإناث على السواء يعملون لأكثر من عشر ساعات في اليوم، الأمر الذي يعزز من مكانة البحرين كمركز مالي رئيسي في المنطقة. يعتبر التجار من الفئات المهمة في البلاد إذ أمر الدين الإسلامي الحنيف بالحفاظ على مصالحهم. وفي هذا الشأن وصفهم الإمام علي "ع" "بجلاب المنافع"، عندما أمر واليه على مصر بضرورة حفظ مصالح التجار نظرا إلى ما يقومون به من أعمال تخدم المجتمع، فهم يخاطرون بالغالي والنفيس لجلب الخير للمجتمع. عموما يحث الإسلام الناس على الدخول في التجارة فيشير حديث إلى أن "الرزق في التجارة" ويشير إلى "أن التجارة تنمي العقل". ليس منطقيا أن يطلب من التجار توظيف المزيد من البحرينيين من دون منحهم فرصة مناقشة الأفكار المطروحة. على سبيل المثال فرضت الجهات الرسمية قبل عدة سنوات نسب "بحرنة" على قطاع الملابس الجاهزة من دون الأخذ برأي التجار. لم تمنح الجهات الرسمية للتجار الفرصة لشرح المعضلة المتمثلة بعدم قدرة المصانع البحرينية ذات الكلفة العالية نسبيا على منافسة مثيلاتها الموجودة في المناطق الأقل كلفة في العالم وأن زيادة نسبة البحرنة "وبالتالي الكلفة" إنما تحرمهم من فرصة المنافسة. اختصارا تسبب القرار في خسارة الاقتصاد البحريني "عشرات المواطنات فقدن مصدر رزقهن" إذ أغلقت الكثير من المصانع أبوابها نظرا إلى عدم قدرتها على منافسة المصانع المماثلة القائمة في دول جنوب وشرق آسيا. لاشك في أن التجار أو من ينوب عنهم أولى من غيرهم بالدفاع عن حقوقهم لسبب بسيط وهو أنه لا يمكن توقع أن تقوم جهة بالدفاع عن مصالحهم، بل الخطأ هو عدم قيام تكتل يدافع عن حقوق التجار حتى الآن. صراحة أتت خطوة تأسيس تكتل للدفاع عن حقوق التجار متأخرة نسبيا وخصوصا مع دخول أطياف مختلفة معترك الحياة السياسية في البلاد إذ ان هناك وجودا لعشرات الجمعيات التي تدافع عن أفكار التيارات السياسية والدينية، بل يكمن الخطأ في عدم وجود أفراد يدافعون عن مصالح فئة "جلاب المنافع". ختاما... تجار البحرين يعطون الكثير ولا يسألون إلا عن القليل
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 680 - الجمعة 16 يوليو 2004م الموافق 28 جمادى الأولى 1425هـ