بعد فترة من الغثيان استمرت أكثر من 48 ساعة، عدت الى حالتي الطبيعية وأنا لا أكاد أصدق نفسي مما أقرأه بعد اعتقال مجموعة من البحرينيين مازال القضاء لم ينطق بحكمه عليهم... حاولت أسترجع نفسي لأتأكد ما إذا كنت أعيش في التسعينات (أيام قانون أمن الدولة) عندما كانت الصحف تنشر بين فترة وأخرى محاولات «انقلابية» كان يتهم بها شباب لم يتجاوز بعضهم الخامسة عشرة من العمر، ولكني تأكدت انني أعيش في العام 2004 بعد ان دخلت البحرين عصر الاصلاح بقيادة جلالة الملك.
عدت مرة أخرى لأقرأ ما يقال عن المبتكرات وكيف ان عددا من البحرينيين كانت لديهم استعدادات ربما تعادل القدرات النووية الموجودة لدى «البنتاغون» الأميركية، وكيف ان هذه المجموعة وكأنها كانت ستضغط على زر يفجر ويمسح البحرين من الوجود. عادت بي الذاكرة الى السنوات العجاف في الثمانينات والتسعينات عندما كنا نقرأ يوميا الترهات والسخافات التي كانت تنشر من دون وازع.
تساءلت مع نفسي... اذا كان هذا جزءا من فيلم هندي يتم اخراجه بصورة بدائية، الفائدة من ترويجه بهذه الطريقة، وتشويه سمعة البحرين؟ فهل الخطر على البحرين أسوأ من الخطر على مطار هيثرو في لندن؟ بالتأكيد لا، ولكن ومع ذلك فإن بريطانيا لا تنشر افلاما هندية تم انزالها من مواقع الكترونية ومن ثم نشرها وكأنها الحقيقة الثابتة والشمس الساطعة التي لا غبار عليها.
أين هو القضاء المستقل؟ وكيف يسمح القضاء المستقل بنشر مقالات بهذا الاسلوب تؤثر على نشاطه المستقل؟ وهل يصح نشر الادلة في الصحف واصدار الادانة المعنوية قبل ان يقول القضاء كلمته؟ وكيف يفسح المجال لتشويه سمعة البحرين بأساليب غير حكيمة؟
أين نحن من ميثاق الشرف الذي كنا نسعى إليه لحماية سمعة بلادنا وحماية حقوق مواطنينا؟ ماذا لو كان ما قيل ليس صحيحا؟ ماذا لو حكمت المحكمة ببراءة المجموعة المعتقلة؟ كيف سيتم تعويضهم؟ هل سيعوضون أم سيتم اصدار قانون يمنع تعويضهم أو محاسبة من يقوم بمثل هذه الأمور؟
كيف نسمح لأنفسنا ان ندعي اننا نعيش في مجتمع ديمقراطي ونشاهد ما يجري هذه الأيام؟ فهل لنا الحق في أن نشهّر بهذه المجموعة أو تلك ويقف الباقي مكتوفي الأيدي يقرأون عن الافلام الهندية «البدائية» وكأن الأمر لا يعنيهم؟
لماذا لا نترك الأمر للقضاء ليقول كلمته وبعد ذلك نتحدث عن الموضوع؟ هل ان الاستهانة بسمعة البحرين أمر مسموح به؟ وهل التشهير بالناس - مهما تكن التهم الموجهة اليهم - بهذا الاسلوب أمر مدعوم من القضاء او من الحكومة؟ هل اننا فعلا نود خدمة البحرين ورفع شأنها؟ ...
أسئلة كثيرة انهالت عليّ بعد ان تعافيت مؤقتا من الغثيان الذي اصابني..
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 680 - الجمعة 16 يوليو 2004م الموافق 28 جمادى الأولى 1425هـ
