عندما يجر القلم الأميركي على ورقة معينة، فإن ذلك يعني قرارا، وجب على المفعول به أن ينفذه من دون حوار ومن دون مناقشة! فبالأمس القريب وقّع الرئيس الأميركي جورج بوش مشروع «محاسبة سورية واستعادة سيادة لبنان» فأصبح المشروع قانونا ساري المفعول. تلا ذلك تصريحات أميركية أثيرت بها حفيظة اللبنانيين على أبناء عمومتهم السوريين، إذ زعم الأميركيون أن الوجود العسكري السوري في لبنان «احتلال»، غاضين الطرف عن الاحتلال الحقيقي لمزارع شبعا.
ومن الملاحظ في التصريحات العربية والدولية أن الجميع يستخدم «اللكنة» الأميركية في توجيه الاتهام لسورية بـ «احتكار السلطة» في لبنان، إذ تعامى العرب عن كون الوجود السوري هناك اتحادا عربيا استطاع به لبنان وبفضل المقاومة والوجود السوري من طرد المحتل من الجنوب اللبناني على رغم وجود اعتراف لبناني رسمي بدور سورية في استقرار بلاده، ويرد اللبنانيون على اتهامهم بالتبعية لدمشق وفقا لهذه النظرة الخارجية المتشائمة، فيذكرون بأن تكليف دمشق ملفات لبنانية عدة جاء برضى لبناني بحت.
أنا أؤمن بأن كل عربي حق ولبناني خصوصا من غير «المغرر بهم» يدرك قيمة المثل العربي القائل «أنا وأخي على ابن عمي وأنا وابن عمي على الغريب». أولسنا إخوة وأبناء عمومة، إذا ما الداعي وراء ميولنا لتصديق الاتهامات الأميركية لسورية بـ «احتكار السلطة» في لبنان؟! أولم ندرس في كتب التاريخ أن سياسة كل محتل هي «فرق تسد»، أم أن كل ما درسناه لم يكفنا لأخذ العبر، وإنما كان كلاما تحشى به عقولنا؟
إقرأ أيضا لـ "ايمان عباس"العدد 679 - الخميس 15 يوليو 2004م الموافق 27 جمادى الأولى 1425هـ