ما الذي تعنيه محاكمة رئيس النظام البعثي البائد في هذا المقطع الزمني؟ ولماذا هذا التوقيت من دون الأوقات؟ أهي مبادرة عفوية وغير مقصودة من سيد البيت الأبيض أم ان بوش المتطلع بشغف الى ولاية أخرى أراد رفع أسقفه لدى القواعد الشعبية الاميركية تمهيدا للانتخابات المنتظرة في الخريف المقبل.
ليس جديدا ولا سرا استخدام مختلف الفنون في الدعاية الانتخابية، ولا هو غريب على بوش الابن أن يعيد الى الواجهة ما فعله بوش الأب في سبيل اعتلاء سدة البيت الأبيض. ولا غرو أن يستعمل بوش الصغير هذه اللعبة طالما جربها والده في السابق ونجح فيها نجاحا منقطع النظير، وليس ثمة شيء غريب طالما كل شيء مباح في الحرب، وخصوصا إذا ما كانت تلك الحرب مفتوحة ولا يعرف - حتى الآن على الأقل - متى ستكتب نهايتها!
هل يمكن لصدام أن يكون مفتاح بوش الانتحابي؟ ولم لا؟ فطاغية العراق كان طوال عمره أداة ولعبة ساذجة يستعملها الساسة الاميركيون منذ سنوات طويلة، وبالتالي كل المعطيات تشير الى أن بوش ليس محرجا من استخدام ورقة صدام تماما كما فعل أسلافه، وخصوصا إذا ما أدركنا أن المعادلة السابقة تبدلت ولكن في أي اتجاه؟ أين تسير عقارب الساعة بعد حرب العراق الثالثة؟ كل المؤشرات تشير إلى أن ميزان القوى ليس في العراق وحده بل في المنطقة بأسرها تحول الى قبضة بوش، وباتت تتساوى مع «دالي»، الكلبة المفضلة لزعيم البيت الأبيض، إن لم تكن أقل منها أهمية.
تعيين بوش لشخصية شرسة ليدير حملته الانتخابية ليس أمرا جديدا هو الآخر ولا مستغربا من زعيم الإمبراطورية التي شيدت على دماء وجماجم الأبرياء. وسيسعى بوش إلى تعيين فرعون من أكبر دكتاتوريي هذا التاريخ لإدارة حملة الحزب الجمهوري! فبعد القبض على الرئيس العراقي المخلوع، أتوقع بأن يقوم بوش باستخدامه لترويج وتسويق سياساته، ومبادئ الحزب الجمهوري في إدارة شئون غرفة استوديوهات هوليوود الأميركية.
«لقد امسكنا به»! (we got him) هذا بالتأكيد ما سيتبجح به بوش المفعم بنشوة النصر أمام ناخبيه وأمام العالم الحر أيضا بعد شهور قليلة، في محاولة مستميتة لتمرير سلسلة الفضائح والأكاذيب التي وقعت فيها إدارته في السنوات الأربع الماضية في قبال الديمقراطي جون كيري الذي لا يملك شخصية تكون بمنزلة المفتاح الانتخابي تعادل قوة مفتاح صدام!
ولكن في النهاية الأمور بعواقبها، أو كما يعبر عنها النجم التلفزيوني جورج قرداحي بـ «الجواب النهائي» ليختار الشعب الاميركي وكالعادة أشر الشرين، ونحن كعادتنا الخاسرون في هذه المعادلة دائما وسنبقى إذا ما قدر لهذه الظروف المزرية الاستمرار بالمنوال ذاته. هل لنا أن نتساءل عما بوسعنا نحن العرب أن نفعله؟ أو بالأحرى ما الذي تبقى لنا لنفعله؟ أي الخيارين علينا أن نختار؟ طاغية العراق أم سفاح العالم؟ سأترك لكم الاختيار
العدد 679 - الخميس 15 يوليو 2004م الموافق 27 جمادى الأولى 1425هـ