العدد 679 - الخميس 15 يوليو 2004م الموافق 27 جمادى الأولى 1425هـ

شربنا من كأس نتمنى ألا يتكرر لأحد

سيد ضياء الموسوي comments [at] alwasatnews.com

غريب أمر وزارة الداخلية. ما هذا الذي يحدث؟ لا أحد لا يهتم بالأمن ولكن كل شيء يجب ان يكون وفق القانون واحترام حقوق الإنسان. طالعتنا الصحف أمس عن إعادة اعتقال السبعة المشتبه في تورطهم في التخطيط لتنفيذ أعمال ارهابية كما جاء في البيان الذي أصدرته الوزارة.

لست هنا في مقام رد التهم أو تثبيتها فهذا ليس من اختصاصي ولكن ما اراه واجبا في كل ما طرح هو اعتماد الأسس المنطقية في اية عملية اتهام حتى لا نقع في الإشكالات ذاتها التي وقعنا فيها أيام قانون أمن الدولة، فقد كان المواطن يؤخذ على حين غرة، يمسح به الأرض ويجرجر ومن قبل اجانب ويقذف به في سيارة الأمن ويكون المعتقِل آسيويا... المهم حدث ذلك إلى مئات من المواطنين، في حينها كانت الصحافة تقوم بإلقاء الزيت على النار، وهناك كتّاب وكاتبات أتقنوا فن الوشاية السياسية وتخصصت كاتبة وكاتب في الدوس وبالحذاء الثقيل في بطون الجميع من دون تفريق وبأسلوب فج لا يخلو من عنصرية مقيتة أو كراهية مستنسخة على طريقة الابارتيد في جنوب افريقيا من كراهية البيض إلى السود، فالأسود رجل ملعون، متخاذل يراد له دائما ان يكون في موقع المدافع، في موقع المتهم كأنه جمل أجرب، ان يكون في صورة الضعيف حتى لو كان مسئولا كبيرا في الدولة... صمت رجال الدين... بعض الجمعيات الإسلامية راحت تصفق لذلك. من كانوا يرفعون شعار الوحدة الوطنية راحوا يتسابقون في القاء التهم هكذا... الخ.

لا أريد ان انبش الماضي، ولكن هنا مسألة يجب ان نعمل على تحقيقها حتى لا تنطبق علينا قاعدة «أكلت يوم أكل الثور الأبيض»، ودعونا نجتمع على الخير الذي يعني تأسيس قواعد نتفق عليها ولتطبق على الجميع... الإخوة المعتقلون تم اعتقالهم أكثر من مرة وفي كل مرة يطلق سراحهم... ونستيقظ ذات صباح واذا هم معتقلون ويريدون «ترويعنا»، في اليوم الثاني يفرج عنهم ويتم الاعتذار عما حدث وان هناك «معلومات كيدية» في المسألة، نبقى أسبوعا واذا العملية ذاتها تتكرر وفي كل مرة «تكتشف» وزارة الداخلية شيئا آخر. هنا اسأل وزارة الداخلية: هذه المرة الوزارة طرحت عبر بيانها عن أسباب الاعتقال «انها قامت بتفريغ أجهزة الكمبيوتر الخاصة بالمتهمين»... «لاحتوائها على ملفات خاصة بطريقة تصنيع الأسلحة والمتفجرات والسموم وإعداد المواد الكيماوية». حقيقة انا تعجبت كثيرا من الدليل واذا اردنا ان نكون علميين ومنصفين انسانيا وحقوقيا بعيدا عن ملاحظاتنا على أداء بعضنا بعضا ايديولوجيا فالدليل غير مبرر للاعتقال. هنا اسأل وزارة الداخلية سؤالا صريحا: هل الكمبيوترات وهذه الملفات نزلت فجأة من السماء ببرشوت وللتو عرفتم محتوياتها... انتم قبل أسبوع وقبل اطلاقكم سراحهم كانت كل هذه الملفات في حوزتكم وعلى رغم هذا قمتم بإطلاق سراحهم، اليوم عدتم إلى الأسباب السابقة نفسها... هل افهم انكم لم تقرأوا هذه الملفات حين عزمتم على اطلاق سراحهم أو لم يكن عندكم متخصص في الحاسوب ليفتح هذه الملفات في حينها، ثم انكم لم تطلقوا سراحهم في المرة الأولى الا بعد أن دققتم في كل صغيرة وكبيرة مما حصلتم عليه. ولو رجعنا إلى التصريحات التي اطلقت من المسئولين عند اطلاق سراح المتهمين في المرة الأخيرة نشعر انه لا يوجد دليل كافٍ يدين هؤلاء، ولو كان هناك دليل كافٍ لما قامت الوزارة بإطلاق سراحهم.

الوزارة تقول: «انها مطمئنة إلى توصلها إلى قناعة المتهمين بآراء وافكار تحرض على استخدام المتفجرات لتخريب المصالح الوطنية...». اقول: هل يجوز قانونيا ان يؤخذ الإنسان - على فرض صحة الاتهام - بأفكار في ذهنه؟ لا يفهم أحد انني هنا أدافع عن الارهاب ابدا، وهذا الأمر لا أحد يستطيع ان يزايد عليّ فيه وأصبحت انتقد لكثر ما أفرط في خطبي ومقالاتي وندواتي عن السلم وإدانة الإرهاب الذي وقع في بلداننا العربية. ولكن هنا نقطة جوهرية، لا يجوز ان اتخذ اتهامي لشخص على فكرة قد اكون مشتبها فيها وأودعه السجن. يجب ان تكون ادلتي علمية موثقة مقنعة للقانون والعقلاء. أقول ذلك لأننا في يوم من الأيام أُخذنا على التهمة والظنّة من دون ان يسأل عنا أحد وهذا ما لا يجب تكراره أو قبوله لأي مواطن مهما اختلفنا معه في التفكير أكان شيعيا أو سنيا سلفيا أو «إخوان»، كل ذلك يجب ألا يوضع مبررا في الاعتقال. دعونا نعرف الحقوق والقانون والادلة، ان كانت علمية ومتكاملة يجب ان تأخذ النيابة دورها أما اذا كان الاتهام مطاطيا فهنا تقع مصيبة كبرى على الجميع. لا يظن أحد اني هنا في مقام مجاملة التيار السلفي أو... ابدا انا لا اجامل أحدا حتى لو اعتمد أحد من فصائله بتكفير أفكاري وكل ذلك ليس مبررا لعدم التزامنا بتثبيت قواعد واضحة يحترم فيها المواطن.

الوحدة الوطنية تعني ألا نفرق بين المواطنين، وهذا ما ادعو إليه مرارا. هؤلاء ابناؤنا إن ثبت عليهم دليل علمي قائم على اساس جنائي يوجب الاعتقال ادنّاهم لان مصلحة الوطن فوق الجميع، أما اذا لم يكن هناك دليل فالمتهم بريء حتى تثبت إدانته.

اعتقد انه يجب على جميع الكتل النيابية التحرك لمعرفة الحقيقة لننتصر للعدالة ايا كانت، وألا يترك الشيخ محمد خالد لمفرده. وللانصاف، الادلة التي طرحت علينا في الصحافة لم تكن مقنعة لنا باعتبارنا جمهورا ومراقبين.

واتمنى من بعض الجمعيات السياسية والإسلامية التحرك في الموضوع لمعرفة اين تكمن الحقيقة لتأخذ العدالة مجراها. مسألة يجب ان نعيها. في حال عدم كفاية الادلة يجب ان ننظر إلى حال أسر هؤلاء المعتقلين، امهاتهم، ازواجهم، ابناؤهم وما يعانونه. ما يدفعني للكتابة في هذا الموضوع العدالة والإنسانية والألم ايضا. آلاف من المواطنين اخذوا ذات يوم على الظنة، فإذا اخطأ شخص من العائلة تؤخذ كل العائلة بمن فيهم النساء ويودعن في السجن بل حتى الأطفال... هذه الصور المبكية لا نريدها ان تتكرر، نريد البحرين تكون جميلة، لا نريد ان نرى دمعة على عين امٍ ولا حزنا على وجه طفل اذا لم يكن هناك دليل كافٍ... ولا اتكلم من فراغ فمازالت «الوالدة»، تتذكر عندما هُجم على بيتنا في جدحفص... كسر كل شيء (20 شخصا) من رجال الأمن... ضُرب الوالد وأحد الأجانب رفع رجله ليركل الوالدة لكنه أخطأها. في ظل هذا الألم كانت تدق الطبول في الصحافة... عشرات العوائل مثلنا... لكنها اليوم تقول وهي تتحدث عن الوضع الأمني: «الحمد لله وين كنه وين صرنه». دعونا نعمل للحرية والديمقراطية وللبحرين وللقانون.

إشارة

- على الناس أن تضغط على المستوى الشعبي على البيت الشيعي للتحرك بجدية على ملف الأوقاف.

إلى متى الصمت... هل يُعقل هذا السكوت بعد كل ما قيل وما كُتب... شبعنا تنديدا نريد آلية عملية وواقعية من دون إملاءات

إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"

العدد 679 - الخميس 15 يوليو 2004م الموافق 27 جمادى الأولى 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً