يرى خبراء أن قرار الفلبين سحب جنودها العاملين في العراق لقاء إطلاق سراح العامل الفلبيني المخطوف في العراق يعتبر مؤشرا بارزا على تفكك «تحالف الراغبين» الذي تقوده الولايات المتحدة في احتلالها للعراق.
ويقول الخبراء انه كان معروفا أن الكثير من تلك الدول ستحذو حذو الحكومة الاسبانية بسحب قواتها من العراق (1300 جندي)، فقد كانت الدومينيكان (302 جندي) والسلفادور (361 جندي) أعلنتا قرار سحب قواتهما من العراق في وقت أعلن حزب العمال المعارض في استراليا أنه سيعمد إلى سحب القوات الاسترالية في حال فوزه في الانتخابات التي ستجرى قريبا. وكان رئيس الوزراء الاسترالي الموالي للحكومتين الأميركية والبريطانية جون هوارد أعلن أنه سيرسل نحو 30 جنديا إضافيا للانضمام إلى القوة الاسترالية التي يبلغ عدد أفرادها 800 جندي.
ويقول المحلل دان بليسك إن خطوة الفلبين تعبر عن «فقدان الثقة» بالموقف الأميركي إزاء العراق.
وكان «تحالف الراغبين» الذي سعت حكومة الرئيس الأميركي جورج بوش إلى تحويله عقب صدور قرار مجلس الأمن 1546 إلى قوة متعددة الجنسيات مسالة مركزية في استراتيجيتها لوضع «قناع دولي» على قوات احتلالها للعراق التي تزعم أنها ستعمل على إعادة إعمار العراق ومكافحة المقاومة العراقية وفرض الاستقرار والسلم في البلاد ودعم الحكومة المؤقتة التي كانت عينتها في مطلع الشهر الماضي. وهذه الاستراتيجية تهدف إلى مواجهة الاتهامات الموجهة لها بأنها قامت بعمل عسكري انفرادي لغزو العراق دون مسوغات شرعية وأنها فشلت في حشد تحالف كاف لدعم مرحلة ما بعد الحرب في العراق.
وكانت الولايات المتحدة تعتقد أن تحسن الوضع الأمني في العراق سيؤدي إلى إضعاف الحاجة إلى قوات إضافية من تحالف الراغبين، غير أن ما يحدث في العراق الآن هو العكس إذ تتصاعد عمليات المقاومة، وفشل قوات الاحتلال الأميركي وقوات أمن الحكومة العراقية المؤقتة في منعها سيعني بالنسبة إلى حكومة بوش إرسال المزيد من القوات الأميركية إلى العراق وهو ما يواجه بمعارضة في أوساط الناخبين الأميركيين والكونغرس.
وتلعب عمليات الاختطاف التي يتعرض لها رعايا الدول المشاركة في «تحالف الراغبين» في العراق دورا في الضغط على تلك الدول، غير أن بعضها ممن ترتبط حكوماتها بعلاقات وثيقة مع حكومة بوش ترفض التراجع وتصر على البقاء في العراق، ومن أبرز هذه الدول إيطاليا وكوريا الجنوبية واليابان. وكانت الحكومة الإيطالية أعربت عن نجاحها في تأمين إطلاق سراح ثلاثة من رعاياها كانوا مخطوفين في العراق الشهر الماضي، غير أن تقارير موثوقة أكدت أن إطلاق سراح الرهائن الإيطاليين الثلاثة تم بعد دفع فدية قدرها تسعة مليارات دولار، وهو ما أشارت إليه حكومة إياد علاوي المؤقتة في بغداد عندما دعت الدول والمنظمات الأجنبية في العراق إلى عدم دفع فدية للخاطفين.
وتشهد الدول المشاركة في «تحالف الراغبين» مصاعب داخلية إذ ان الناخبين يعارضون الحرب على العراق فهذه الحكومات تجد نفسها محشورة بين مطرقة مواطنيها الرافضين للمشاركة في الحرب الأميركية على العراق، وبين سندان الضغط الأميركي. اذ خسرت حكومة كويزومي في اليابان في الانتخابات الأخيرة لتجديد نصف أعضاء مجلس الشيوخ هذا الأسبوع. أما بلغاريا التي التزمت حتى الآن بدعم السياسة الأميركية في العراق وأكدت إبقاء قواتها في العراق (480 جنديا) على رغم إعلان الخاطفين إعدام رهينة بلغارية فإنها لاتزال تراهن على تنفيذ واشنطن تعهداتها بضمان دفع العراق لديونه المعلقة لبلغاريا في مرحلة ما بعد الحرب. وقد تلقت بلغاريا في العام 2001 مساعدات ومنحا عسكرية أميركية بقيمة 31,5 مليون دولار، إضافة إلى 97,1 مليون دولار في العام 2003. ويقول المتخصص في الشئون الدولية في كلية القانون والدبلوماسية بجامعة تافتس الأميركية هيرست هانوم إن الولايات المتحدة تتحرك ضد حقيقة أن تأييد الرأي العام للحرب على العراق كان ضعيفا في العالم، وأن جهودها في إقامة التحالف تواجه هذه الحقيقة الآن، مشيرا إلى ان دولا مثل بولندا التي أرسلت حكومتها 2500 جندي إلى العراق ولكنها في الوقت الذي تستعد فيه للانتخابات حاليا، تقول انها تأمل في إنهاء وجودها العسكري في العراق مع حلول العام المقبل. ويضيف هانوم بأن «هذا هو مثال آخر على أن دعم الرأي العام للحرب لم يكن موجودا»
العدد 679 - الخميس 15 يوليو 2004م الموافق 27 جمادى الأولى 1425هـ