العدد 677 - الثلثاء 13 يوليو 2004م الموافق 25 جمادى الأولى 1425هـ

ابحثوا عن المسئول الذي يخالف الله والدستور والإنسانية

سيد ضياء الموسوي comments [at] alwasatnews.com

نعم الدنيا مازالت بخير، ومازال هناك أناس يبحثون عن عمل يكون ذخيرتهم في الدنيا والآخرة... كثيرة هي الرسائل التي تصلني عن آلام وأوجاع الفقر في المجتمع البحريني... كانت آخرها عن عائلة من منطقة على شارع البديع، فقدت الإدام من على مائدة الطعام لمدة ثلاثة أشهر. تحققت من الأمر وإذا بالأسرة تعاني كثيرا وهي محشورة في زاوية مغلقة في إحدى الشقق المهملة، كل ما تحتاج إليه هو غسالة وطعام ولباس للأطفال يوفر لهم ولو بمبلغ 30 دينارا شهريا.

المهم كتبت قبل أسبوع عن فتاة تطمح إلى إكمال دراستها، فقد أكملت الأعوام الثلاثة ولم يبقَ إلا عام واحد ولكنها لا تستطيع دفع رسوم الجامعة... وضعت إشارة عنها في إحدى المقالات قبل أسبوع، وبعد يوم من نشر المقال تلقيت اتصالا من امرأة من أهل الخير، قالت: كم تحتاج هذه الفتاة؟ قلت لها: بعد دراستنا للموضوع اتضح أنها تحتاج إلى تغطية «الكورسات» الأربعة... أعطيتها الطريق لكي توصل المبلغ إليها فأوصلت إليها 240 دينارا، فرحت تلك الفتاة كثيرا لأن حلم مواصلة الدراسة بدأ يتحول إلى حقيقة، وهنا لا يسعني إلا أن أقدم شكري إلى هذه المرأة المؤمنة والتي اكتفت بإرسال المبلغ إلى الطالبة من دون أن تذكر اسمها... هل تعلمون ماذا يعني أن نبذل مالا لنجعل الآخرين يكملون دراستهم؟ إنه شيء كبير عند الله.

لقد كان السيدموسى الصدر يقوم بمشروعات خيرية، فيبتعث طلبة لإكمال دراستهم... يجب أن نعمل على خلق الابتسامة على هذه الشفاه، ولا يوجد أفضل من أن نتبرع بأموال للفقراء والمحتاجين لإكمال دراستهم. هناك ثقافة خاطئة مازالت مستمرة، فبعضنا يعتقد أن الخير لا يكون إلا ببناء مسجد أو مأتم. لقد فاضت البلاد مآتم ومساجد، ولكننا غفلنا عن مئات الأبناء الذين يطمحون إلى إكمال دراستهم، لماذا لا نقوم بالتبرع لهم؟ لماذا لا نقوم بترسيخ ثقافة خيرية جديدة تقوم على إنشاء مراكز صحية وتعليمية وثقافية بدلا من أن نبني مسجدا بـ 500 ألف دينار لنقوم ببناء مبنى بـ 80 ألف دينار للطلبة الفقراء وجزء من المبلغ ندخله في عمل تجاري والجزء الآخر نساعد به الطلبة الفقراء؟ فالرسول (ص) يقول: «اطلب العلم ولو في الصين»، و«صلاة فقيه عالم خير من صلاة جاهل».

قبل أشهر عقدت اجتماعا مع بعض الإخوة الذين أثق في عقليتهم، وطلبت من أحدهم - وهو من الكوادر - أن يقوم بكتابة دراسة عن إنشاء مشروع يدعم الطلبة الفقراء... كتب لي مسائل مهمة، ولكن تنقصنا أهم مسألة وهي المال. توقف المشروع ولكن لابد أن يأتي يوم نقوم فيه بتدشينه. الطالبة التي ذكرت حالتها كانت من الطائفة الشيعية الكريمة... قال لها زوجها: هل تعلمين أن المتبرعة بالمبلغ من الطائفة السنية الكريمة؟... اغرورقت عيناها بالدموع واستشعرت في تلك اللحظة مدى عظمة الإنسانية عندما تكبر على تلك الفوارق التي خلقتها السياسة والمصالح الدنيوية، وقد قامت الفتاة بكتابة رسالة شكر سأعمل على إيصالها إلى المرأة المتبرعة.

أيها الإخوة، إن الإسلام يعلمنا أن نعمل لأجل الوطن وأن نزيل تلك الفوارق، وإذا ما وجد تمييز هنا أو هناك فيجب علينا أن نرصده ونحاسب المسئول عنه وأن نرصد اسمه لنقول له: إنك تخالف الشرع والقرآن والدستور والقانون... قل لي ماذا يعني أن يكون في مؤسستك 100 موظف من طائفة واحدة ولا يوجد من الطائفة الأخرى إلا 10 مثلا؟ قد يكون ذلك محض صدفة، ولكن هل يكون محض صدفة إذا تكرر في عشرات المؤسسات؟

لست طائفيا وما أكتبه دليل على ذلك، والقضايا التي أطرحها قضايا مشتركة بين جميع المواطنين، ولذلك فإن الاتصالات التي جاءتني من قبل الأطباء الذين تم تثبيتهم كانت من الجميع. نحن يجب أن نعمل للبحرين لجميع المواطنين، لهذا يجب أن نتساعد من أجل خلق المواطنة الصادقة... وفي ظل المشروع الإصلاحي يجب أن نعمل على رصد أي مسئول وأية وزارة وأي مدير توظيف يعمل على التمييز بين المواطنين، وأي مسئول يعمل على تهميش مواطن على آخر بحجة الانتماء. وأنا هنا أهيب بالمواطنين أن يوصلوا اسم أي مسئول يحاول أن يعتمد هذا الأسلوب اللاقانوني واللادستوري واللاإنساني، وأنا بدوري سأشكل فريق عمل تطوعي لدراسة الحالات وجمع المعلومات لإيصالها إلى الجهات العليا.

أنا مؤمن بأن أكبر جريمة ترتكب في حق المواطنة هي عندما يتم سلب المواطن حقه الدستوري والطبيعي بسبب الانتماء. قبل سنة ونصف السنة عقدت ندوة في نادي العروبة، تكلمت فيها بلغة الأرقام، ولا يعتقد أحد أني نسيت الموضوع أبدا. فكل رسالة وكل قائمة بأسماء مسئولين تصلني أوثقها وأجمع الملف على نار هادئة ومن دون ضجيج، لأني لا أريد أن أكتب تقريرا إنشائيا بل تقريرا عمليا دقيقا مدعوما بالوثائق، وللعلم وصلني الكثير عن مؤسسات هنا أو هناك، وكل مسئول أو مدير أو رئيس قسم أو... يثبت تورطه في ذلك فيجب أن يتحمل تداعيات مثل هذا الملف قانونيا ووطنيا وإعلاميا.

وأنا هنا أتكلم وفق القانون... أنا بحريني يحق لي أن أعمل في أي موقع وفي أي مكان، وأن تنصفني أية وزارة. لقد انتهى زمن المحسوبيات، ونحن في فترة إصلاحية. هنا سأسأل بعض الوزارات والمؤسسات، وقد وصلني عنها الكثير في هذه القضية وغيرها، وأتمنى أن تجيب عن رؤيتها للموضوع قبل الشروع في توثيق المعلومات.

ماذا يحدث في عملية التوظيف في الإحصاء، السجل السكاني، الجمارك، ديوان الخدمة المدنية، القوة، الداخلية، التجارة، التربية، البلدية، الكهرباء، المحكمة الدستورية، النيابة العامة، البرلمان، الشورى، البحرية، التأمينات والتقاعد، جهاز المساحة والتسجيل العقاري، الجهاز المركزي للمعلومات، مركز البحرين للدراسات والبحوث، الهيئة العامة لحماية الثروة البحرية، سوق البحرين للأوراق المالية، مؤسسة نقد البحرين، المجلس الأعلى للشباب والرياضة، وزارة الأشغال، وزارة المواصلات، والمالية... لا أخفي عليكم، ربما تقولون إني أبالغ في الأمر، ولكن لإنصاف الحقيقة يجب أن نتحرى الدقة في عملية التوظيف، ولا يمكن السكوت عن ذلك. كل هذه المؤسسات تحجم عن ذكر المرشحين للوظائف في الصحافة، وبعض المؤسسات وبعض الشركات وبعض الوزارات يتم التوظيف فيها من دون لجان ولا تقديم طلبات.

البحث عن هذه الإشكالية لا تنفع معه الكلمات المطلقة وإنما التوثيق وأنا في انتظار شكاوى المواطنين لأرسلها إلى هذه المؤسسات. لذلك، أطالب هذه المؤسسات بنشر الأسماء لقطع الطريق على إشكالية التوظيف سريا وبعيدا عن الشفافية والوضوح والصحافة.

إشارات

- نتمنى من التربية نشر المعايير مع أسماء المرشحين للمديرين والمديرين المساعدين هذا العام في الصحافة.

- القسم الصناعي في التربية أغفل عنه كل هذه السنين، وهو مليء بالأجانب. سأقوم بكتابة عدة مقالات تبيّن هذا الملف.

- التقاعد المبكر فخ خطير يستخدم في بعض المؤسسات، ولكن لابد أن يأتي يوم يحصحص الحق.

- الأوقاف رفعت دعوى ضد الحداد، وأنا سأرفع دعوى عليهم بشأن التجاوزات قريبا إن شاء الله

إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"

العدد 677 - الثلثاء 13 يوليو 2004م الموافق 25 جمادى الأولى 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً