العدد 2369 - الأحد 01 مارس 2009م الموافق 04 ربيع الاول 1430هـ

ملفات أمام مؤتمر الاتجار بالبشر

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

تنطلق اليوم فعاليات المؤتمر الدولي عن الاتجار بالبشر، حيث سيُناقش الأطر القانونية والتدابير الأمنية لكشف شبكات هذه التجارة البشعة، وجهود الحد منها، والاستراتيجيات الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر.

المؤتمر الذي يشارك فيه ممثلو الحكومات والقطاع الخاص، والمنظمات غير الحكومية الدولية والمجتمع المدني، سيناقش أيضا الخطوات المتخذة لحماية الضحايا، وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص بغرض إنهاء الاتجار بالبشر... وإن كان هذا الهدف حلما بعيد المنال. فهذه التجارة المزدهرة وراءها متنفّذون فوق القانون، وشبكاتٌ محلية وعصابات دولية واستثمارات عابرة للحدود، فمن الذي يقوى للوقوف في وجه كل هذه التكتلات؟

من حسن الحظ أن أحد المحاور المهمة سيكون حول «الاستراتيجيات الوطنية لمكافحة الاتجار بالنساء»، حيث سيتناولها عددٌ من المسئولين، من بينهم وزيرة تنمية المرأة والطفل الهندية، ونائب وزير الشئون الخارجية الياباني، وعضو مجلس اللوردات البريطاني. وهو ما يمثل اعترافا دوليا بمشكلةٍ دأب بعض المسئولين عندنا على نفيها على الدوام، خصوصا أن استغلال النساء في العالم السفلي بات أحد اللطخات التي تشوّه وجه أي بلد متورّط في تجارة الجسد.

محليا... علينا أن نمتلك شجاعة الاعتراف بوجود هذه التجارة غير الإنسانية، ففي العقدين الماضيين تم تأسيس بنية تحتية صلبة لتوفير مقوّمات السياحة غير النظيفة. وكم من التحقيقات الصحافية والبرامج الإعلامية، عربية ودولية، صدرت عن هذه المرافق ونوعية الخدمات التي تقدّمها، والتي تثبت الانحطاط الأخلاقي لبعض رؤوس الأموال وما تتركه من آثار مدمرة على التركيبة الاجتماعية والثقافية، في بلدان هشة ديموغرافيا.

إن سياسة نفي الأخبار والتقارير، والتستر واللف والدوران، التي نمارسها لتجميل واقعنا المناهض لحقوق الإنسان، وخصوصا فيما يتعلق بالاتجار بالنساء، سياسةٌ أثبت عقمها. فالمؤتمر الذي يعقد برعاية قرينة عاهل البلاد، وتحضره قرينات عدد من رؤساء الدول (مصر ونيجيريا وجمهورية الدومينيك)، سيقلل الفرص أمام محاولات ليّ الحقائق والنفي المستمر لواقع زكمت روائحه الأنوف وآن وقت مناقشته. فإن لم يكن من أجل إصلاحه فعلى أقل تقدير من أجل تحسين رتبة البلد على سلّم حقوق الإنسان، وتحسين سمعة البلد، خصوصا بعد أن وصل الأمر إلى سؤال من يتقدّم إلى خطوبة فتاة في بعض الدول المجاورة، للتحقّق ممّا لا يقدح في الأخلاق!

إننا لم نعد في عالمٍ وحدنا، نتصرّف فيه كما نشاء، ننشر ما نشاء، ونمنع ما نشاء، فالدنيا عالمٌ مفتوحٌ، ووجود فنادق وشقق مفروشة بهذا الحجم الهائل، لا يمكن التكتم على ما يفيض منه من روائح وفضائح، على طريقة نفي وجود سوق للدعارة، أو التنصل من الاتجار بالبشر بحجة وجود قوانين لمكافحتها.

إن المؤتمر ينبغي أن يكون نقطة انطلاقٍ للاعتراف بوجود تلك البيئة التحتية الصلبة الحاضنة للاتجار بالبشر، وخصوصا بالرقيق الأبيض في نسخته المدوّلة، إذ يجري جلب فتيات من جنسيات مختلفة، وإقحامهن في عالم الرقّ الجديد، حيث تُمتهن كرامة المرأة وتُستباح إنسانيتها.

سيفعل المؤتمرون خيرا إن سلّطوا الأضواء على هذه التجارة البشعة التي باتت تجد لها أنصارا ودعاة باسم حرية التجارة، على أن يشفعوا إطروحاتهم بالأرقام. فنحن في بلدانٍ لا تهتم كثيرا بحقوق البشر، وتواري سوءاتها بسياسة النفي والتكتّم... والتجمّل والإنكار

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2369 - الأحد 01 مارس 2009م الموافق 04 ربيع الاول 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً