مع التطور الحاصل في عالم الاتصالات فإنه من الصعب إبعاد التكنولوجيا عن عالم الإعلام بصورته المتجددة كل يوم في نقل الحدث والمعلومة للمتلقي، إذ غدت الصحافة التقليدية مجرد واحد من خيارات عدة لتشكيل الرأي العام والتأثير عليه.

ففي عصر اليوم يمكن ان يتحول أي شخص إلى مشروع إعلامي قائم بذاته وهذا ما هو متحقق اليوم في أماكن عديدة. فمثلا استطاع قبطان طائرة أيرباص تحمل 155 شخصا ان ينجو ومن معه بشجاعة بإنزال الطائرة في نهر هدسون بنيويورك وذلك بعد ان أعطبت الطيور محركي الطائرة في 15 يناير / كانون الثاني 2009... والعلاقة في نقل هذا الحدث هو ان مواطنا عاديا استطاع تصوير الهبوط الاضطراري للطائرة على الماء وكيف تمكن الطيار من إنقاذ جميع ركاب الطائرة والخروج بهم سالمين على الماء بينما بدأت الطائرة تغرق في النهر.

المواطن العادي الذي تمكن من نقل الحدث بتفاصيله استخدم هاتفه النقال وأوصله إلى القنوات الفضائية، وهو ما يعني أن كل شخص في وقتنا الحالي يمكنه أن ينقل الحدث إلى أوسع نطاق مادام بيده هاتف نقال ومتصل بشبكة الإنترنت، وإذا كان هذا الشخص لديه وجهات نظر ومحتوى فكري، فإن بإمكانه أيضا أن يؤثر على الآخرين لأنه يعيش في عصر انتهت فيه الأمية في الكتابة والقراءة وانتهت فيه الأمية في استخدامات تقنية المعلومات.

أيضا كارثة تسونامي في العام 2004، أوضحت ان الكثير من التقارير والصور التي التقطت وتناقلتها وسائل الإعلام جاءت من قبل أشخاص عاديين كانوا في مواقع الحدث، أي ليسوا صحافيين بالمعنى التقليدي.

إن هذا العصر ووسائله يمهد الطريق لظاهرة جديدة في الصحافة والإعلام، إذ إن كل مواطن يمكنه أن يتحول إلى مشروع صحيفة وإذاعة وتلفاز يبث ما لديه إلى أية جهة ترغب في الحصول على ما لديه.

وبالتالي فإن صحافة المواطن «Citizen Journalism» تفرض نفسها على الواقع في مختلف المجتمعات، وينبغي لأي بلد يود اللحاق بركب العصر أن يندمج في هذا المجال بدلا من محاولات قمعه أو محاربته. كما أن التجارب العملية تدل على أن أي بلد لن يستطيع النهوض اذا حاول إبعاد نفسه عن الحضارة (المدعومة إلكترونيا في الوقت الحاضر).

إن أدوات كبت المعلومات وحجب المواقع الإلكترونية التي تقوم بها بعض حكومات دول العالم (ومنها البحرين مع الأسف) ما هي إلا عقبات مؤقتة، لأن حركة العصر لايمكن تعطيلها بمثل هذه القرارات، ولذا من الضروري أن ينفتح المسئولون في الجهات المعنية على تطورات الاعلام الجديد، الذي بدأ يوثر على كبريات المؤسسات الاعلامية التي تتسابق حاليا على التفاعل مع صحافة المواطن