العدد 676 - الإثنين 12 يوليو 2004م الموافق 24 جمادى الأولى 1425هـ

الموارد البشرية مفتاح لنجاحنا الوطني

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

من أهم القرارات التي صدرت عن مجلس الوزراء هذا العام القرار رقم 24/2004 الخاص بإصدار لائحة صندوق تنمية الموارد البشرية في القطاع المصرفي والمالي، وعلى إثر ذلك شكل محافظ مؤسسة نقد البحرين مجلس أمناء الصندوق من عشرة أشخاص مؤهلين في المجالين المصرفي والمالي. ولدينا في البحرين تجربة رائدة تتمثل في معهد الدراسات المصرفية والمالية الذي تشرف عليه الحكومة والمصارف والمؤسسات التي يعنيها الأمر، ويدار على أساس متطلبات السوق وساهم في دعم الموارد البشرية في القطاع المصرفي والمالي. وفي حديث لي مع مسئولي مصرف باريبا الفرنسي عن سبب اختيار البحرين مقرا إقليميا للمصرف، كان الجواب إن البحرين لديها قدرات بشرية محلية فائقة الخبرة والتدريب في المجال المصرفي.

وإذا رجعنا الى الدراسة العامة التي أعدتها مؤسسة «ماكينزي» في ديسمبر/ كانون الأول الماضي عن سوق العمل البحرينية، فإننا نجد ان القطاع الخاص كان المحرك الأساسي للنمو الاقتصادي خلال السنوات العشر الماضية، إذ خلق أكثر من 80 في المئة من الوظائف. كذلك نجد من خلال الدراسة السالفة الذكر ان كثيرا من البحرينيين يتجهون الى العمل في وظائف منخفضة المهارات، وهو أحد أسباب انخفاض الأجور لعدم قدرتهم على منافسة العامل الأجنبي في تدني المعاشات الشهرية. إلا أن أحد أهم نتائج تلك الدراسة هي أن القطاع الخاص يمكن تقسيمه الى ثلاثة أقسام: مدخول عال (أكثر من 600 دينار شهريا)، مدخول متوسط (من 200 الى 600 دينار شهريا) ومدخول متدن (أقل من 200 دينار شهريا)، ووجدت الدراسة أن نسبة البحرنة في المدخول العالي هي 65 في المئة، والمدخول المتوسط 55 في المئة والمدخول المتدني 19 في المئة، فهذا يعني أن البحرينيين يفوقون الأجانب في فئة المدخول العالي، والفارق الوحيد بين أنواع الدخل هو مقدار الخبرة المطلوبة، ويأتي على رأس القطاعات الناجحة في البحرين في هذا المجال: المصارف والمؤسسات المالية وشركات الاتصالات وما يتعلق بتقنية المعلومات. فهذه القطاعات بدأت تستوعب القدرات البحرينية بشكل يليق بها وبالمستوى المعيشي الذي تسعى إليه.

القطاعات العالية جميعها تدخل فيما يطلق عليه اليوم بـ «الاقتصاد المعرفي»، وأهم ميزة للاقتصاد المعرفي هي اعتماده على «الإنسان المعرفي». والمعرفة هي الخبرة الناتجة عن تراكم في المعلومات والخبرات والممارسات التي يختزنها عقل الإنسان، ثم يفعّلها في حياته اليومية في مجال احترافي تطلبه السوق. وبما أن الكم المعلوماتي هائل جدا في زماننا ويحتاج الى قدرات تخزينية وتحليلية وعرض وإيجاز فإن تقنية المعلومات تعتبر عاملا مساندا للإنسان المعرفي ولا يمكنه الاستغناء عنها بأي حال من الأحوال.

المؤشرات إذا أمامنا... لدينا قطاعات معرفية ناجحة تعتمد على الموارد البشرية المتطورة (المصارف، الاتصالات،... إلخ)، ولدينا دراسة استراتيجية تقول إن البحرينيين يشغلون ثلثي الوظائف في هذه القطاعات، ولدينا العالم أمامنا يقول لنا إن دولا بحجمنا (مثل سنغافورة وأخيرا دبي) أصبحت تنافس على مستوى عالمي مرموق، ولذلك فإنه ليس لدينا الكثير لنختار سوى أن نؤمن بأن لدينا في البحرين موارد بشرية استطاعت أن تتفوق وتستطيع أن تتفوق مرات أخرى.

ولكي نخطو بصورة استراتيجية الى الأمام، فإننا بحاجة الى بنية تحتية معرفية تنظّر الى العشرين سنة المقبلة، وهذا يعني أن نظامنا التعليمي والتدريبي، وهو المكون الأساسي في صناعة الإنسان المعرفي، يجب أن يكون محورا مركزيا في هذه الاستراتيجية. الإنسان المعرفي المتفوق هو الإنسان المتفوق صحيا والمتفوق علميا وخبرة والمتفوق أخلاقا والمرتبط روحا بقيم سامية، وهو ما يجب أن نسعى إليه. وهذا الإنسان المعرفي يتطلب أجواء نظيفة سياسيا واقتصاديا لكي ينمو وهي مهمتنا جميعا، حاكمين ومحكومين

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 676 - الإثنين 12 يوليو 2004م الموافق 24 جمادى الأولى 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً