كثير من الموضوعات ما هو مثير للجدل، هذه الأيام، ويهم المواطنين في المقام الأول على الصعيد المحلي، ويحتاج إلى مراجعة دقيقة من قبل المسئولين، بما يحفظ الكرامة ويرد الاعتبار، منها تشديد اجراءات الحصول على تأشيرات الدخول الى البلدان الأوروبية، على سبيل المثال. إن الاجراءات التي طبقتها سفارات الدول الأوروبية، في الآونة الأخيرة على الجمهور، انما تسبب كثيرا من المضايقات للمواطنين، ومما لا شك فيه أنها اجراءات تعسفية، والهدف منها عرقلة انجاز المعاملة بصورة سلسة وبأقل قدر من التكليف. وفي هذا السياق لابد للمتتبع للأوضاع العالمية أن يصنف مثل هذه الاجراءات التعسفية في خانة محاربة الارهاب الموجهة خصوصا ضد الشعوب العربية والاسلامية، إذ تنتهك من خلالها حقوق المواطن وكرامته، من دون أن يجد من يحرك ساكنا، على المستوى الرسمي، ليرد له اعتباره ويصون له كرامته.
وبهذه المناسبة أود أن أطرح لعناية المسئولين في البلاد، من خلال «الوسط»، المعاناة التي يتلقاها المواطنون جراء معاملة الحصول على تأشيرة زيارة لدى السفارة الفرنسية، آملا أن يكون لها صدى، حتى نجد لها حلا مناسبا ومقبولا، أو مقابلتها بمبدأ المعاملة بالمثل، على مواطني الدول نفسها، والمعلوم أن هذه الاجراءات مطلوب تطبيقها على المواطنين من قبل كل سفارات دول الاتحاد الأوروبي، عموما.
وكما تعلمون فإن البحرين تفتح مطارها الدولي وموانئها لجميع المواطنين الأوروبيين، من دون تحديد لدخول البلاد باجراءات سهلة ومبسطة، وتمنح لهم تأشيرات دخول بسهولة، كما أنهم يستقبلون استقبالا طيبا ويرحب بهم أينما ذهبوا أجمل ترحيب. وعلى رغم أننا مواطنون بحرينيون، كنا في السابق ندفع رسوم تأشيرات عالية الثمن لدخول الدول الأوروبية، الا فإننا قبلنا بالأمر الواقع، ولم نذكر شيئا في هذا الصدد.
أما الآن وقد وصل بنا المطاف عند هذا الحد من الاذلال والمهانة أمام السفارات الأوروبية، من دون تمييز، حتى نحصل على تأشيرة دخول الى أي بلد أوروبي من «دول الشنغن»، فإننا نرى اجحافا وتعسفا في فرض هذه الاجراءات علينا، إذ إنها أصبحت بالغة التعقيد، جراء الالتزام بتقديم الوثائق والمعلومات التي لم تكن مطلوبة في الماضي، كما تحتاج المعاملة إلى ما يزيد عن أسبوعين على الأقل لانجازها، ناهيك عن رسوم التأشيرة العالية عن كل فرد من أفراد العائلة. وبهذه المناسبة أوجز لكم الاجراءات والمعلومات التي يجب أن تصطحب الاستمارة بالنسبة إلى البحرينيين، ولكل أفراد العائلة صغارا أو كبارا، على رغم اصطحابهم برب الأسرة، وهي على النحو الآتي: جواز السفر وصورة عنه، صورة عن تأشيرة شنغن اذا تم الحصول عليها في حالات سابقة، شهادة من صاحب العمل يوضح فيها المنصب والدرجة والراتب والهدف من الزيارة، اذا كانت الرحلة لأسباب تتعلق بالعمل، صورة عن السجل التجاري، صورعن تذاكر السفر أو نسخة من تأكيد الحجوزات، صورة من تأكيد حجز الفندق، أو شهادة سكن مصدق عليها من قبل سلطة رسمية في احدى «دول الشنغن»، بوليصة تأمين سفر اجبارية لكل فرد، لتغطية تكاليف العودة لأسباب طبية والحالات الطارئة، بمبلغ ثلاثين ألف يورو (30,000) كحد أدنى، ويجب أن تكون هذه البوليصة صالحة لكل دولة من دول الشنغن المنوي زيارتها، وكذلك تكون صالحة لكل فترة الاقامة المطلوبة، كشوفات حساب من المصرف لفترة ستة أشهر سابقة، لتوضيح الموارد المالية الموجودة في الحساب، الطلب المقدم من شخص دون السن الثامنة عشرة يجب أن يكون مصحوبا بترخيص من ولي أمره، مع صورة من البطاقة السكانية لوالده، وأخيرا يمكن للسفارة طلب توفير معلومات، أو وثائق اضافية عند تقديم الطلب.
هذه الاجراءات ليست معقدة وتعسفية فحسب، بل إنها تعتبر جميع العرب، من الخليج وغيرهم، ارهابيين بشكل أو بآخر بسبب تطبيق مثل تلك الاجراءات عليهم من دون سبب. لقد قمت بالاتصال بالسفارة الألمانية لعل وعسى أن تكون اجراءاتها أكثر سهولة، ولكن يبدو أنها بالقدر نفسه من التعقيد. وعلمت أنه في حال عدم تقديم كشوفات حساب من المصرف، يجب تقديم صور عن بطاقات الائتمان أو الشيكات السياحية، ولست أدري كيف سيكون الحال فيما لو كان المسافر يحمل معه نقدا، بدلا من شيكات سياحية مثلا، فهل يجب تصويرها أم عدها أمام موظف السفارة؟
ولابد أن نسأل: هل من المعقول أن يذهب أحد من المواطنين، مع أفراد عائلته الى هذه الدول من دون أن يقوم مسبقا بعمل كل الترتيبات اللازمة، من حيث تذاكر السفر، وحجز في الفنادق أو مكان سكن آخر، وتأمين كل ما يحتاجه لتغطية تكاليف رحلته في الدول الأوروبية التي ينوي زيارتها، حتى نسلم بضرورة تطبيق مثل هذه الاجراءات. ثم من هو المستفيد الأول من بوليصات التأمين، سوى شركات التأمين نفسها، إذ إن هذا الاجراء أصبح مصدرا تجاريا لها، يجبر المواطن من خلاله على دفع قيمة بوليصة التأمين هذه، شاء أم أبى
فلربما يكون التأمين خلال السفر مفيدا للمسافر، ولكن ليس لدى أحد الحق على اجباره على شراء هذا التأمين، تحت ضغط الحصول على تأشيرة زيارة لهذه الدول. ولا يخفى عليكم أنني كنت أخطط لزيارة ابني، الذي يدرس في فرنسا منذ عدة سنوات، خلال عطلة الصيف هذه مع بقية أفراد عائلتي، ولكن اضطررت في النهاية الى إلغاء هذه الزيارة بسبب تلك التعقيدات. كما أتمنى، بهذه المناسبة، على المواطنين الكرام أن يمتنعوا عن السفر الى هذه البلدان، احتجاجا على هذا الأسلوب عن التعامل معهم، حتى يعيدوا النظر في هذه الاجراءات، بحيث تصبح سهلة وميسرة بصورة أفضل.
وأملي أن يصل هذا الموضوع، من خلالكم، الى المسئولين في أجهزة المملكة، والسلطات المعنية بهذا الأمر في البلاد، من أجل ايجاد حل مناسب للجميع، واذا كان لابد من تطبيق هذه الاجراءات علينا عنوة فنحن نقبل، ولكن نطالب بالمقابل بتطبيق الاجراءات نفسها على مواطني هذه الدول، أسوة بمبدأ المعاملة بالمثل.
كاتب بحريني
العدد 675 - الأحد 11 يوليو 2004م الموافق 23 جمادى الأولى 1425هـ