العدد 675 - الأحد 11 يوليو 2004م الموافق 23 جمادى الأولى 1425هـ

العبوا في ساحتكم رحمة بعقولنا

أحمد البوسطة comments [at] alwasatnews.com

بالتأكيد، ومن دون أدنى شك، أن «مجموعة النواب الديمقراطية» بثلاثة أعضائها قدمت أداء طيبا في «سيرك» قبة البرلمان، الذي كان إلى حد ما «سيئ الأداء، وسيئ الإدارة، وسيئ الاقتراحات برغبة» في محاولاته التدريب على استنطاق نفسه، لكن تحذير هذه المجموعة من «أية محاولات لتجاوز مجلس النواب بصفته جهة تمثيل شعبي وسلطة تشريعية لا يمكن ولا يجب تخطيها وخصوصا فيما يتعلق بالشأن الدستوري ومسألة التعديلات الدستورية» يحتاج إلى وقفة تفصيص وتأمل، تماما كما تفصص النساء حبات الثوم.

أولا: ينبغي على هذه «الكتلة» أو «المجموعة» (سيان)، مع فائق التقدير لمنطلقاتها الوطنية، أن تحدد حجمها قبل إطلاق التصريحات والتحذيرات، فإذا كانت تساوي كيلوغرام واحد، عليها أن لا تعطي نفسها عشرة كيلوغرامات، وتحذر هكذا من دون مراجعة، من تجاوز مجلس النواب، التي تعرف ونعرف، «محدودية الحركة فيه» وكأنها تملك من القوة ثلثي الأعضاء الذي يحتاجها المجلس الوطني بغرفتيه «كشرط لتعديل أي حكم من أحكام الدستور».

ثانيا: إن النسبة المئوية لهذه الكتلة الوطنية الشريفة في مجلس النواب المكون من 40 عضوا، لا تتجاوز الواحد وكم عشر في المئة، وبالنسبة إلى المجلس الوطني بغرفتيه (2,5 في المئة) تقريبا، في حين يحتاج التعديل الدستوري - كما هو معروف - إلى ثلثي الأصوات، وهو رقم خيالي يتجاوز حجم هذه المجموعة، ومجموعة الكتل التي قد تتحالف معها وكامل النواب في «مجلس النواب» من أجل «التعديلات» بأضعاف مضاعفة في العملية الحسابية أو في التفكير السياسي السليم وإن كان بنواياه الحسنة.

تقول المادة (120) من الباب السادس الفقرة (أ) من دستور 2002: «يشترط لتعديل أي حكم من أحكام هذا الدستور أن تتم الموافقة على التعديل بأغلبية ثلثي الأعضاء الذين يتألف منهم كل من مجلس الشورى ومجلس النواب، وأن يصدق الملك على التعديل، وذلك استثناء من حكم المادة (35 بند ب. ج. د) من هذا الدستور».

واضح أن هذه المادة غير عصية على الفهم لمن يجيد القراءة باللغة العربية، فرأفة بنا يا «مجموعة» نواب الشعب. ارحموا عقولنا ولا تستخفوا بها، فالعبوا في ساحتكم ضمن الهامش المتاح لكم دفاعا عن مصالح الناس وكثر الله «عشرة آلاف» خيركم، واتركوا الآخرين من دون مزايدات ولا تحذيرات، يتحركون لإيجاد مخرج قانوني أو سياسي سلمي في ملاعبهم الخاصة، حتى وإن طالبوا باستفتاء شعبي على هذه التعديلات... والاستفتاء أرقى أنواع الديمقراطية.

سيكون شعبنا شاكرا جدا، وممتنا جدا، لو مارستم الضغط على الحكومة وعلى مجلس الشورى وعلى الكتل الأخرى وباقي النواب في مجلسكم النيابي لكشف وفضح ما تستطيعون فضحه وكشفه من ملفات الفساد والسرقات والانتهاكات لحقوق الإنسان، وقدموا مفسدا أو منتهكا واحدا للمحاكمة، ثم ضعوا ثقلكم الذي لا يساوي «حجم الريشة» في الأوزان، وتفسيراتكم وجهودكم للخروج من الإشكالية الدستورية لتحقيق رغبة الكثيرين في التعديلات الدستورية المنشودة.

بصراحة، ومن دون مبالغة، أن تحذيركم لا يساوي في اجتهاده وتنظيره حجم التحذير الصحي المكتوب على علبة السجائر القائل: «التدخين سبب رئيسي لسرطان وأمراض الرئة وأمراض القلب والشرايين»، ومع ذلك جلنا يدخن من دون اكتراث، وأعتقد أنكم تدخنون مثلنا من دون تكليف نفسكم بقراءة التحذير الصحي على هذه العلب.

كاتب بحريني

العدد 675 - الأحد 11 يوليو 2004م الموافق 23 جمادى الأولى 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً