في العام الماضي، وبعد حدوث حادث كبير في إحدى الوزارات الخدمية، كتب محرر مقالا مطولا عن وضع هذه الوزارة، وكيف قاد فيها التدهور والتخبط في اتخاذ القرارات إلى أن تتم «الدفدفة» على الكثير من الأخطاء الداخلية التي ما لبثت أن طفت على السطح لتشكل خطرا على حياة بعض من العاملين في هذه الوزارة... بعد ذلك بأسابيع التقى المحرر بأحد المسئولين في الوزارة في جلسة غير رسمية، فأخذ المسئول يعتب على الصحافة التي دقت كثيرا على وزارته، فسأله المحرر: أليس ما كتبته صحيحا؟ فقال: «نعم، ولكن وزيرنا «زعول»... هونا هونا عليه».

في دول خليجية أخرى، كان الناس ـ حتى وقت قريب ـ لا يدفعون ثمنا في مقابل الخدمات الحكومية التي يحصلون عليها، وكأنهم يمنّون على الدولة أن أصبحوا مواطنين فيها، ومع ذلك فإنهم ما ان يتأخر عليهم العلاج الصحي، أو تنقطع الكهرباء، أو تتعطل البدالة الرئيسية للهاتف، حتى «يسفلون» في المسئولين ويطالبون باستقالتهم إن هم كانوا غير قادرين على الإيفاء بمتطلبات وظائفهم ومسئولياتهم.

أما نحن «الطيبون» أهل هذه الأرض الطيبة، فلم تصل بنا «الشراسة» بعد لأن نطالب بأن يستقيل وزير، ولم يفكر أحد في أن يرمي مسئولا بطماطم أو ببيض فاسد، بل وندفع مع شيء من التذمر ما علينا من التزامات مالية، ومع ذلك لا يود بعض المسئولين أن يقال لهم كيف يفكر الناس فيهم وفي أداء وزاراتهم، والأدهى من ذلك أن ترد الأمور في أحيان كثيرة إلى خلافات شخصية أو استهداف.

نعم، المسئولون مستهدفون بالنقد، والأعين عليهم، ومن يدفع له الحق أن يسأل، ولا خير في مسئول «يزعل» من النقد، خصوصا إن كان صحيحا، فالأولى به أن يعتذر، ويعمل على تصحيح ما أخطأت به جهته