يمر مشروع مركز دبي المالي الدولي المعروف اختصارا بـDIFC بأزمة، لكن يعتقد بعض المراقبين أن بمقدور الإمارة تجاوز هذه المحنة بثمن باهض. وقد ظهرت المشكلة للعلن عندما قامت السلطات المالية بالاستغناء عن خدمات اثنين من كبار التنفيذيين بطريقة غير معهودة.
تحديدا في شهر يونيو/ حزيران الماضي قررت إدارة المشروع طرد رئيس سلطة مركز دبي المالي هاي دايفيسون، بطريقة غير لائقة إذ حصل على مكالمة هاتفية على هاتفه النقال تخبره بقرار إعفائه من منصبه، وذلك أثناء وجوده في فرنسا لقضاء عطلته. والمعروف أن دايفيسون شخصية محترمة في القطاع المالي في لندن كونه الرئيس التنفيذي السابق لمؤسسة لويدز التي تعمل في مجال إعادة التأمين، إذ نجح في استعادة هيبة لويدز بعد الفضائح المتعلقة ببعض الاكتتابات. أيضا تم طرد الرئيس التنفيذي لمركز دبي المالي الدولي فيليب ثوربي بطريقة غير مهنية إذ تم اصطحابه من مكتبه. ويتمتع ثوربي بسمعة متميزة في عالم المال، إذ عمل بوظيفة المدير الاداري لسلطة الخدمات المالية في بريطانيا التي تتمتع باستقلالية في الأنشطة المالية في المملكة المتحدة. وكرد فعل على هاتين الخطوتين أقدم زميل لهما ويدعى ريتشارد على تقديم استقالته من منصبه الإداري في سلطة منح التراخيص للمشروع.
ما حدث ليس بالأمر العادي وخصوصا في غياب تفسير رسمي بشأن عملية الطرد المفاجئة. التفسير الوحيد المقدم في هذا الشأن هو ما نشر في الصحافة المحلية بدولة الإمارات أن كلا من دايفيسون وثوربي كانا بطيئين في احراز أي تقدم يذكر. فضلا عن أن الرجلين كانا يتدخلان في تفاصيل خارج نطاق الصلاحية الممنوحة لهما. بيد ان هناك تفسيرات غير رسمية مفادها أن الحكومة الاتحادية كانت «تؤخر» منح الاستقلالية الكاملة للمشروع، ويعود ذلك للتعقيدات المرتبطة بمنح سلطات غير عادية للمشروع. وهناك تفسيرات أخرى من قبيل أن الأمر يعود للمنافسة التقليدية بين كل من أبوظبي ودبي بمعنى أن أبوظبي تحسد دبي في هذه الخطوة، ويشير هؤلاء إلى خطط إمارة أبوظبي بتأسيس طيران الاتحاد بعد النجاح الذي حققه طيران الامارات في دبي. يبقى هذا التفسير غير مقنع نظرا إلى أن نجاح دبي يمثل نجاحا لدولة الإمارات. لكن لا يمكن إنكار أن تعقيد عملية اتخاذ القرارات في أبوظبي وليس في دبي تسبب في مشكلات للمشروع.
يعود تاريخ مشروع مركز دبي المالي الدولي إلى العام 2002 حين قررت سلطات الامارة تأسيس منطقة خاصة تقدم مختلف المعاملات المصرفية وتشتمل على وحدات الأوفشور مثل تلك العاملة في البحرين. حينها تحدثت تقارير صحافية عن أن المشروع يستهدف منافسة البحرين في تقديم الخدمات المالية. وفي هذا السياق قيل ان مشروع مرفأ البحرين المالي جاء ردا على مشروع دبي، بيد انه لا يوجد دليل قاطع في هذا الشأن لكلا التفسيرين.
على كل حال ربما ساهم قرار فصل الموظفين الكبار في إسراع وتيرة حصول المشروع على الصلاحيات اللازمة. وهذا ما حدث حين استصدرت الحكومة الاتحادية في مطلع الشهر الجاري التشريعات المكملة لإطلاق مشروع مركز دبي المالي الدولي بقيمة ملياري دولار. تؤكد التجربة أنه لا توجد رحمة في السوق، وأنه لا مجال لارتكاب الأخطاء وينطبق هذا على إمارة دبي التي بدورها تعتبر واحدة من أهم الواجهات الاقتصادية في الشرق الاوسط. يبقى الأمل في تمكن دبي، لأن وجود منافسة في قطاع الخدمات المالية في المنطقة في مصلحة الاقتصادات الخليجية برمتها
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 673 - الجمعة 09 يوليو 2004م الموافق 21 جمادى الأولى 1425هـ