دعا السيدمحمد حسين فضل الله، إلى محاكمة الإدارات الأميركية التي سهلت لصدام حسين القيام بما قام به من حروب ومجازر ضد جيرانه وشعبه. وأكد فضل الله أن الولايات المتحدة الأميركية كانت تخطط منذ الثمانينات للوصول إلى هذه المرحلة التي تشن فيها حربا واسعة على الواقع العربي كله لحساب مصالحها، مشددا على محاكمة رموز الإدارات الأميركية جنبا إلى جنب مع محاكمة صدام حسين، لأن القانون لا يحاكم المباشر فقط بل المحرض والدافع أيضا.
وكان فضل الله يجيب على سؤال في ندوته الاسبوعية، إذ أجاب: «عندما ندرس مواقع القوّة التي كان يمتلكها صدّام حسين نجد أنّ الولايات المتحدة الأميركية بدعمها المطلق له وفّرت له كلّ الأجواء والظروف الداخلية والخارجية التي جعلت منه طاغية لا في العراق فحسب، بل على مستوى المنطقة. كما نجد أنّ الإدارات الأميركية المتعاقبة حرصت على إقامة علاقات متينة وقوّية معه حتى على المستوى الشخصي، كما في العلاقة القوية التي نشأت بينه وبين نائب الرئيس الأميركي ووزير الدفاع الأميركي الحاليين».
وقال: «إن الحرب العراقيّة الإيرانية التي دمّرت الجيش العراقي والبنية التحتيّة لكلّ من العراق وإيران، انطلقت من خلال الولايات المتحدة وحلفائها الذين قادوا الحرب ضدّ إيران من خلال صدّام، حتى أنّهم كانوا يزودونه بالمعلومات الاستخباريّة المتعلّقة بالمواقع الاستراتيجية الإيرانية أو مواقع تمركز الجيش الإيراني على الجبهة، إضافة إلى الأسلحة الكيماوية وغيرها التي كان يحصل عليها من دون رقيب أو حسيب وبإشراف وتسهيل أو بمعرفة المسئولين في الإدارة الأميركية. ليس هذا فحسب، بل إنّ أميركا ضغطت على أكثر من دولة خليجية لتمويل نفقات الحرب العراقية الإيرانية لحساب صدّام. وعلى هذا الأساس كانت حرب صدّام ضد إيران هي حرب أميركا العالمية التي شنّتها من أجل إسقاط الثورة الإسلامية أو إضعافها بطريقة وبأخرى، ولعلّ من اللافت عدم ذكر مسألة الحرب ضدّ إيران في لائحة الاتهام الموجّهة لصدّام».
وأضاف: «أمّا مسألة اجتياج الكويت فالجميع يعرف أنّ أميركا من خلال سفيرتها السابقة في العراق إبريل غلاسبي، حرّضت صدّام على اجتياح الكويت عندما وضعت خطّا أصفر يوحي بالخُضرة لاجتياح الكويت فيما وضعت خطا أحمر على السعودية، والتزم صدّام بهذه الخطوط على مستوى إدارة الحرب ضدّ الكويت وعدم تجاوزها».
وتابع فضل الله تحليله قائلا: «إنّ الذي كانت تخطّط له أميركا من خلال هذا الدور الذي أعطي لصدّام تحويله إلى فزّاعة لدول المنطقة لتوفير الأجواء الملائمة لشرعنة الوجود العسكري الأميركي في منطقة الخليج بما يمهّد السبيل لانتشار عسكري وأمني أميركي على مستوى المنطقة كلّها».
وأردف: «كما نلاحظ أنّ الولايات المتحدة سارعت للإعلان بعد إخراج الجيش العراقي من الكويت أنّها لا تريد إسقاط نظام صدّام مع أنّ كلّ المعطيات التي طرحتها أميركا في احتلال العراق أخيرا كانت موجودة آنذاك، ولم تكتفِ بذلك، بل ساعدته في حربه ضدّ الانتفاضة الشعبية التي كادت أن تطيح بنظامه لولا الدعم الذي لم يوفّر له سبيل الاستمرار فقط بل أدّى إلى مقابر جماعية جديدة، ما يؤكّد أن أميركا تتحمّل مسئولية كل هذه المقابر الجماعية بشكل غير مباشر».
وأضاف: «إنّنا نتساءل عن ذلك السكوت الأميركي تجاه ما قام به صدّام من مجازر واغتيالات وحروب كيماوية ضدّ شعبه وضدّ جيرانه منذ تحرير الكويت وحتى الآن، ولماذا لم تشنّ الحرب لإسقاطه آنذاك مع توافّر كلّ المبرّرات لذلك بحسب المنطق الأميركي، ما يوحي بأنّ أميركا كانت تخطّط منذ البداية للوصول إلى هذه المرحلة التي تشنّ فيها حربا واسعة على الواقع العربي كلّه لحساب مصالحها الاستراتيجية الاقتصادية والأمنية والسياسية. بل إنّ ثمّة معلومات تجزم بأنّ التحضير لاحتلال العراق أخيرا بكلّ تداعياته كان قد بدأ في مطلع الثمانينات».
وختم فضل الله قائلا: «إنّ هذه المعطيات تقودنا إلى التساؤل: لماذا لا تتمّ محاكمة الإدارات الأميركية إلى جانب محاكمة الطاغية صدّام على كلّ الجرائم التي ارتكبها بحق شعبه وجيرانه والإنسانية جمعاء، ولاسيّما أن قانون العدالة لا يحاكم الفاعل المباشر فقط بل يحاكم المحرّض والدافع أيضا. ولو أنّ الشعوب عملت على محاكمة الخلفيّات الاستكبارية في محاكمتها للطغاة الذين أنتجتهم هذه الخلفيّات لتغيّرت الكثير من أوضاع الشعوب في هذا الجانب أو ذاك، ولكنّ المسألة هي أنّ الدول الاستكبارية التي تصادر الشعوب بشكل مباشر وغير مباشر تشعر أنّ هناك دائما ما يحميها من أن تخضع لأيّة محاكمة في كلّ جرائمها السياسية والاقتصادية والأمنية»
إقرأ أيضا لـ "السيد عبدالله الغريفي"العدد 672 - الخميس 08 يوليو 2004م الموافق 20 جمادى الأولى 1425هـ