العدد 671 - الأربعاء 07 يوليو 2004م الموافق 19 جمادى الأولى 1425هـ

رجل الشارع... والترويج للنائب الصامت

محمد العثمان Mohd.Alothman [at] alwasatnews.com

مازالت الفئوية الضيقة تؤتي أكلها صباح مساء، وتستحوذ على مساحات كبيرة من التفكير اليومي، في قضايا السياسة والاقتصاد والاجتماع، والعمل والمعيشة والهوية، في مسائل جوهرية، وفي مسائل شكلية، يتم إخضاعها جميعا للهوى والنفس ومبتغاها، والنفس هذه، إما طبقية أو طائفية أو قبلية أو عرقية أو انتمائية (حزبية)، وبشكل أضيق الآن هناك «المناطقية»، وبالطبع في مجتمع صغير كالمجتمع البحريني، سمات الخير فيه ظاهرة، تعكره بشدة مثل هذه النزعات غير المسئولة، وتجد رجل الشارع العادي غير المنتمي لأي تيار، أيا كان هذا التيار، يتضايق أشد الضيق حينما يرى تأكسد عقول البعض بمباخر التقسيم والتطييف والتجزيء...إلخ... إلا أن رجل الشارع العادي (أيضا) يساهم في «تنمية» و«تغذية» و«توسعة» امتداد صاحب هذا الفكر أو ذاك، أو يساعد في بعض الأحيان على فوز هذا المرشح «البليد» أو ذاك المرشح «غير المتبني لقضايا الناس» والساكن في برجه العاجي المطل على البحر، ونفسه البعيدة كل البعد عما يعتصر أهل البحر من ألم وعناء سواء في المبيت، أو وعثاء الأسفار ونصب الصيد في «القبيب» و«الهيرات» و«النيوات»، هذا المرشح الذي فاز بمقعد نائب في البرلمان، لا يعلم أحدٌ ما الذي أخرسه!؟

وبعد كل الجولات المكوكية التي قام بها مع ممثليه ومندوبيه، الذين كانوا يروّجون لبضاعة كاسدة، خاوية بالشكل والمضمون من مبدأ النيابة عن الناس، ويروّجونها على الفقراء والكادحين، ويمنحون أرصدة التخفيضات «للمتعيشين» على المساعدات، هؤلاء الفقراء والمساكين تبخرت أحلامهم مع قبضهم ثمن الرشوة، التي غشوا بها أهلهم والآخرين، ودفعوهم دفعا للتصويت للنائب المحترم جدا، الفائز بمقعد في المجلس النيابي.

إن المرء ليعجب من مثل هؤلاء المروجين للمرشح الفلاني أو العلاني، ويزداد العجب إزاء هؤلاء المروجين، الذين يعلمون أنهم يغشون الناس بمثل هذا المرشح الذي لا يرقى لأن يمثل نفسه في المجالس الأهلية البسيطة، وفي مجالس أو «قعدات النسوان» في فرجان «العمامرة» أو «بن هندي» أو «الحياك» أو «الصاغة» من المحرق، ولا يستطيع هذا المرشح (النائب حاليا) أن يحافظ ويطالب بحقوقه الخاصة (أوالشخصية) فضلا عن مطالبته بحقوق المواطنين أو مجموع هذا الشعب! الذي ناهز عمر صمته وكبته قرابة الثلاثين عاما! وهؤلاء المندوبون: التبع، الميع، واللذع، يتبعون أهواء حزبية تملي عليهم خياراتها، وتسوي اصطفافهم التنظيمي «الإمعي» مع هذا المرشح أو ذاك، فتجدهم يأتون في كل «حافلة» محملين بقليل من البسكويت والعصائر المثلجة، لتقديمها لمن أيقظوهم من سباتهم، من عجائز ومقعدين، ليس فقط جسمانيا بل مقعدين وعاجزين ومشلولين ذهنيا، أعمت بصائرهم الحاجة إلى الدرهم والدينار، إلى المأكل من أرز وزيت ومرطبات، وكلها مسمومة تعوق الإرادة الحرة التي يعبر عنها الأسوياء والأصحاء جسمانيا وذهنيا. وعلى ذلك فإنهم يوقظونهم من سباتهم ليدخلوهم في سبات آخر، يتعلق بالإرادة واليقظة الذهنية حين الوقوف أمام «الصندوق الأزرق»! وبالإضافة لكونهم (أي المروجون) «اتباع» و«إمعات» فإنهم أيضا «لُذع» (أي لاذعين في القول) لكل من خالفهم، حتى وصل الأمر بأحدهم أن يتقول على مرشح «سلفي» بأنه شيوعي!

المهم في كل هذه البانوراما أو «اللخبطه»... من المسئول عن حقوق المغرر بهم والمخدوعين من أبناء الشعب، من الفقراء والمساكين؟ أهي مسئولية الجمعيات والكيانات الإسلامية؟ أم مسئولية الدولة التي لم تؤد دورها التوعوي لأمثال هؤلاء المواطنين، أم مسئولية المثقفين، الذين لا هم لهم إلا التحدث من خلف الميكروفونات في الصالونات الثقافية، باستعلائية فائقة ونرجسية مع مرتبة الشرف، أم المسئولية تقع على رجل الشارع العادي الذي يتحمل جزءا من عدم قيامه بتمحيص المرشح الذي أمامه، وهل يصلح لأن يمثله في البرلمان، على رغم صمته المطبق في الدفاع عن حقوق المواطنين!؟

إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"

العدد 671 - الأربعاء 07 يوليو 2004م الموافق 19 جمادى الأولى 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً