العدد 671 - الأربعاء 07 يوليو 2004م الموافق 19 جمادى الأولى 1425هـ

ماذا لو رأينا الحديقة متشبّثة بقبر؟

جعفر الجمري jaffar.aljamri [at] alwasatnews.com

-

ماذا اقترفتَ لتختارك السماء خازنا لمصائرنا؟ تُرجمانا لهذه الفصاحة المتوعكة؟ ماذا اقترفتَ لتختصر أنفاسنا مُضيّا نحو استمالة الحيّز الأخير؟ وماذا اقترفنا لنشهد لك بكفاءة القمع؟ ماذا اقترفنا لننبثق كالهديل الغائم؟ وماذا اقترفنا كي ندحرج الغيوم لصوامع المطر؟ عرقٌ بعرق كي تستعيد الأشكال تراثها المنهوب في عراء العواصف وفخاخ الطقوس. هذا الثناء لك، ولنا الجلْد الكلامي في وَضَح اللغة. انْفَضَّ سامر الينابيع، انفضَّ سامر الطير، انفضَّ سامر الحراب، انفضَّ سامر المشاعل، فانتحلْ صفة هذا المضئ برَمَده. سأستعرض ما لايُرى بما يُرى، للمقبل المتدلّي بشاراته ونياشينه المنصوبة في خاصرة الميادين، للحامل شعوب القلاع ضحى مطوّقا بظهيرة خاملة، للتلويح الغامر يعسف رماد الانتظارات الشهية، لفصائل المعدن يهبنا الجحور الشاهقة الأنيقة تداعبها كهرباء البعيد، مبثوث في صليل القارعات المتخمة بهذا الانهمار اللحمي المطلق، ترتعد المغاليق بضجرها الآسن، أرتعد من نار الوثوق، أطعمها الوساس كفوّهات الجبال والبِرَكِ الغارقة في التأمل، مبثوث في إيوانات الموسيقى الرحبة، سأريك الطيش صواعق من رمَد ورماد، سأريك الاندحار مغموسا في محلول الشماتة، سأريك الأجنحة الرخيمة في العوم الرهيف، سأريك الفصول نفاق الرؤية، مُثقل بك، بمحاريثك الذاهبة في أواصري، بجوهرك الملعلع في الفراغات الأبنوسية، شبّاكك المفتوح على المدائح والنقيض، وفي ملهاة الظل يكون الشجر أكثر فصاحة في امتداده، في طيشه المبكر.

أدفع الشاهق لانتحار عمودي، وحين لا أجد الهاويات أختلق كآبة الأعالي.

ماذا لو انسحب الفضاء؟

ماذا لو ثقب البحر اناءه؟

ماذا لو رأينا الماس منحورا في الخفاء؟

ماذا لو رأينا النهر يتهجى أعضاءه؟

ماذا لو رأينا مستقبل الذل في غفوة الأنقاض؟

ماذا لو رأينا النار تهضم السيول وذرية الوابل؟

ماذا لو رأينا الحديقة متشبّثة بقبر؟

ماذا لو رأينا الضوضاء ضالعة في تهجّد فريد؟

ماذا لو رأينا البلاط معافى بالثوار ووعيد الأئمة؟

ماذا لو استرجعت الرصاصة ضميرها؟

ماذا لو ترفّه الألم؟

ماذا لو نَاظَرَناالقبر؟

ماذا لو خنق الغريق البحر؟

ماذا لو وجدنا الجبل يعدو في الغرفة؟

مَنِ الشاهد على مَنْ؟بسطنا أكفّنا اليك فاردد بضاعة الينابيع ومباهاة العذارى الينا.

مبثوث في مراثي الغبار... أُدْخلُ الفراسخ في ممالكي... لي فتوّة النهب... ملبّدٌ بندمائي

إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"

العدد 671 - الأربعاء 07 يوليو 2004م الموافق 19 جمادى الأولى 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً