العدد 671 - الأربعاء 07 يوليو 2004م الموافق 19 جمادى الأولى 1425هـ

الغانم: ذاكرتي الخاصة... عناصري الحداثية

ضمن برنامج ذاكرة الحداثة بأسرة الأدباء والكتاب

العدلية -المحرر الثقافي 

تحديث: 12 مايو 2017

استضافت أسرة الأدباء والكتاب الشاعرة الإماراتية نجوم الغانم مساء الأربعاء 30 يونيو/ حزيران الماضي في حديث عن ذاكرتها الخاصة بالحداثة في الخليج العربي. وقامت الشاعر باستعراض بعض المكونات التي لعبت دورا رئيسيا في تجربتها الشعرية كالذاكرة، الموسيقى، الصمت، الظلام والموت.

وقدمت الشاعرة ورقتها بقولها «لقد أمضيت جل حياتي - وربما هذا حال معظم أبناء جيلي - نكتوي بنيران هذا المصطلح، وعلى رغم أننا لم نكن نرغب في أن نكون أطرافا في الجدل حوله فإنا صنفنا على أننا حداثيون من باب التهكم طبعا، وليس من باب الاعترافية بأن هذه هي الحقيقة، وكان السبب المباشر لذلك هو خيارنا لكتابة قصيدة النثر. والحداثة لا تعنيني كمصطلح، ولم يشغلني السجال العربي الممتد من المحيط إلى الخليج عن ماهيتها. فقد كنت أراقب النزاع الدائر، وأشعر بالاغتراب، وأقول النزاع لأنه لم يكن يصل في نظري إلى مستوى الحوار الثقافي الرصين وكانت الزوبعات الصحافية تنتهي بالتحول إلى فصول في الكتب. إنني أرجو أن يكون ما أقوله هنا هو نوع من الشهادة وحسب. وأتمنى أن تغفروا لي الاكتفاء بالحديث عن رؤيتي باعتباري إنسانة وشاعرة وفهمي الشخصي لبعض المكونات والمؤثرات التي لعبت دورا في حياتي وأسهمت في تشكلي سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.

ثم استعرضت هذه المكونات والمؤثرات بالحديث أولا عن الذاكرة. وعن الذاكرة قالت «كغيري من أبناء جيلي تعتبر المصادر الأدبية من نصوص شعرية وروائية ومسرحية هي واحدة من المفاصل الأساسية التي اعتمدت عليها تجربتي. وشكل الشعر المصدر الأول في فترة الطفولة، إذ كان يمثل نافذة مذهلة لعالم آخر، لا يشبهها شيء في الواقع. إن قراءة المتنبي وأبوفراس الحمداني والنفري وأبونواس وأبوالعلاء المعري، نابعة من الدهشة التي تنتابك في سن صغيرة، وتبقى مسيطرة عليك كالحلم الخالد. لقد بقيت أنظر بانخطاف لهذا الميراث الغني والساحر حتى أخذت أتعرف على الشعر الأكثر حداثة في مرحلة الثانوية العامة، والذي بدا يجذبني إليه أكثر هو قدرته على تصوير مفاصل الحياة اليومية بلغة أقل تعقيدا وصورا يمكن للخيال أن يقبلها ويقبل المقاربة بينها وبين خصوصية المكان والزمان. جاءت الكتابة بشكلها المرتبك في نهاية السبعينات، ومع بداية الثمانينات كان قراري حاسما في أن أتوقف عن المحاولات الطفلية في تقليد الشعر العمودي وشعر التفعيلة والإخلاص لشكل واحد هو قصيدة النثر التي أحب تسميتها بالقصيدة الحرة... وكغيري شغفت بالعدمية والدادائية والسريالية ثم البنيوية واللسانيات وغيرها من الحركات التي تجعلني أزداد فوضى وبوهيمية. وكانت هناك بالإضافة إلى ذلك بصمات تركت آثارا عميقة في النصف وأسئلة لن تلقى الإجابة. تلك البصمات تتمثل في قصائد سان جون بيرس، بودلير، رامبو، ت س اليوت، وأرغون، جاك بيرك، وايف - بونفوا. وفي فلسفة باشلار وأناشيد مالورو الوحشية للوتريامون وفي نصوص شكسبير المسرحية علي هنا أن أشكر جبرا إبراهيم على مشروعه الكبير في الترجمة - وفي الكتب المقدسة التي أشير إليها هنا باعتبارها كانت أساسية في تعميق معرفتي وبلبلة أفكاري وشحذها وفي تصوير إمكاناتي اللغوية ونموي الروحي».

وأضافت «لقد كتبت الكثير من الذي رفضت فيما بعد وضعه في كتاب. واخترت القليل منه ليشكل كتابي الأول (مساء الجنة) وما بين مساء الجنة ومنازل الجلنار ظهرت الكثير من التحديات على صعيد قناعاتي الشخصية. ولكنني في أكثر من عشرين سنة لم أنشر سوى أربعة دواوين فقط وديواني الخامس قد نشر إلكترونيا في موقع جهة الشعر ولم يصدر كتاب بعد والسبب لا يعود لأنني لا أكتب وانما لأنني قاسية بشكل لا يوصف مع نصوصي ولأني في كل مرة أتساءل ترى لمن أكتب ولماذا»؟

ثم مستعرضة المكونات الأخرى قالت الشاعرة الإماراتية «من المكونات الأخرى الحب الذي هو أجمل ما يحدث لنا في الحياة وما يجعلنا نكتب أجمل ما لدينا سواء في حالات سعادتنا أو ألمنا، واني لأعتبر الموسيقى واحدة من العناصر التي جعلت كتابتي أكثر رآفة وربما أكثر خصوصية، فلست أبالغ إذا قلت إني كتبت معظم قصائدي وأنه استمع إلى الموسيقى وكنت استظل بها تحت سمائها وكانت حاضرة بين حروف القصائد وفي فراغات الأسطر. كما أنني لا استطيع الكتابة من دون أن استمع إلى الموسيقى فكذلك الصمت لأنني لا استطيع الكتابة وحولي الآخرين، ولكي أستطيع الصمت يكفي أن أتذكر مشهدا عالقا في الذاكرة للسباحة تحت الماء إذ لا شيء سوى صوتك الداخلي أو الصمت الأبدي».

وعن الظلال والقراءة والرحيل أضافت الشاعرة «عندما لا يكون أمامك ما تستغيث به تأتي الظلال بقامتها العالية وتبدأ في تلطيخ الجدار حولك بحبرها الشفيف. ومن بين كل القراءات تأتي قراءة الرواية في مقدمات أولى الخيارات التي تجعلني أكثر سعادة كوني مازلت أحيا وكوني مازلت قادرة على التمتع بالمزيد من القراءة في هذا الفن الابداعي الرائع. أما عن الرحيل فقد كان الانفصال الجغرافي عن الإمارات والابتعاد للدراسة أكبر عامل في تغيير وجه تجربتي الابداعية، والذي منحني الفرصة لأن أقرأ ذاتي وأن أقبل الثقافة الأخرى وأن أحترم ثقافتي وهويتي وانسانيتي أيضا فقد تعاملت في الرحيل مع المعرفة بكل أشكالها وألوانها وأصبح عدم وجود الشعر لا يعني سوى وجود شيء آخر يستحوذ على الاهتمام لأنه جميل أو يدعو إلى الجمال بصورة أو بأخرى».

وعن الأشجار والموت أضافت خاتمة لورقتها «تقول لي ابنتي عندما تريد مشاغبتي: أحيانا أشعر أنك تحبين أشجارك أكثر منا، إذ كيف استطيع العيش من دونها والموت لا يشبهه شيء ودخل حياتي كالصاعقة ومن دون استئذان أو إشارات تجعلني استعد لكارثته. فعندما تحبون شخصا ما أخبروه كم أنتم تحبونه لأنكم لو فقدتموه فستتألمون وتسخطون ولن يجعلكم الندم تخلدون للنوم أبدا»





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً