ستة وخمسون عاما من المعاناة والألم، ستة وخمسون عاما من القتل والتهجير، وعد بلفور المشئوم فرض عليكم عدوا متوحشا جثم على قلوبكم لأكثر من خمسة عقود. وظل المتحكمون في صنع القرار العالمي - بعد فرضه عنوة - يؤكدونه ويثبّتون وجوده بدعوى أثبتت الأيام كذبها، «منح اليهود وطنا بعد التشريد والقتل اللذين عانوا منهما»، يا لها من كذبة على رغم وجود - حتى وقتنا الحاضر - من يدعي صدقها. فزرعت «إسرائيل»، الغدة السرطانية، في عالمنا العربي، وبالذات في فلسطين الحبيبة.

ونتيجة لذلك يعاني شعبنا في فلسطين منذ خمسة عقود من فظائع فاقت الإحصاء والتصور من أجل الحفاظ على كيانهم ووجودهم في الحياة، الحفاظ على الهوية الفلسطينية العربية الإسلامية - التي تحاول «إسرائيل» ودول الاستكبار العالمي محوها من الوجود - بالحفاظ والثبات على الأرض على رغم سنوات طوال من القتل والهدم والتهجير والتجريف ومحاولات سلب الكرامة. نراهم كل يوم يصارعون الطاغي بصور شتى ما خلق من كل فلسطيني مثالا رائعا لمحب الأرض ومحارب الاحتلال. ولن أتطرق هنا إلى ازدواج المعايير لأن هذا أمر لا مخرج منه حاليا فالقاضي المتحكم في إدارة سياسة العالم هو الأب الفعلي للمحتل والذي تقتضي جميع أنواع المصلحة بقاءه إلى جانبه ومساندته، فلا نتوقع أبدا أن ينصف الفلسطينيين ويعيد إليهم حقهم المسلوب.

كل ما أريده هو أن أوجه تحية إكبار إلى أبطال الحجارة، أهلي في فلسطين. فلم أرَ مثلكم صابرا على رغم كثرة وشدة المعاناة. ولو حاولنا إحصاءها على مستوى يومي لبكينا وذابت قلوبنا، فكيف بهذه السنوات الطوال؟! إنها مأساة يشيب من يسمعها فكيف بمن يعيشها. فيا أطفال وشباب ورجال ونساء فلسطين... أتشرف بتقبيل أيديكم