في الأسبوع الماضي عندما كنت أتحدث في ندوة مع القائمة بأعمال السفارة الأميركية مولي وليمسون، بدأت مداخلتها بالاعتذار عن تأخرها لأنها لم تكن تتوقع حجم الازدحام على الطريق من شارع البديع إلى المنطقة الدبلوماسية، واعتبرت أن ازدحام السيارات كان علامة على النمو الاقتصادي الناجح الذي يتسبب في ازدياد حركة السيارات. وأجبتها مازحا بأن الازدحام ربما سببه اصطدام سيارات. فقوانين البحرين تطلب من المصطدمين الانتظار مكانهم حتى تأتي شرطة المرور وتباشر الحادث وتقرر ماذا حدث. وعلى رغم أن هناك محاولات لتسريع عملية تحريك الشارع بعد حوادث الاصطدام فإن الازدحام يتكرر عندما يحدث أي حادث صغيرا أم كبيرا.
الإجراءات المتبعة في عدد من المجالات بيروقراطية ومتعبة والأوراق تتكاثر والطابور يطول، وليس بالضرورة أن يكون ذلك سببا لازدياد النمو في الحركة الاقتصادية.
ولـ «الوسط» خبرتها في هذا المجال مع بلدية المنطقة الوسطى. فمعاملة صغيرة تطول في البلدان الجارة أسبوعين أو ثلاثة أصبحت في بلداننا تحتاج إلى أشهر وربما سنوات مع ازدياد الأوراق والمعاملات في كل جانب، ولكن من دون أن يكون ذلك مؤشرا إلى زيادة النمو الاقتصادي. فعندما اشترت شركة دار الوسط للنشر والتوزيع أرضا ومبنى على شارع الاستقلال قبل عام، تقدمنا مباشرة إلى البلدية بطلب لإنشاء مطبعة على الشارع. والشارع ذاته يحتوي على مطابع مماثلة ويحتوي على محلات وورش لها مؤثرات أكثر بكثير من المطابع. ثم إن المطبعة في أي مكان في العالم ليس لها أثر يذكر على الصحة أو البيئة أو الازعاج، وخصوصا أن المطابع الحديثة تمتاز بتقنية متطورة ومصممة بنحو يتلاءم مع متطلبات البيئة والسلامة وتعمل بالطاقة الكهربائية. ولا يمكن بأي حال أن يصدر أي إزعاج أو تلوث بيئي، لأن التكنولوجيا تعتبر من التقنيات السليمة، وهي متوافرة في كل أنحاء العالم، حتى في أكثر المناطق ازدحاما.
شرعنا بكل ما علينا القيام به، وحصلنا على رخصة من التخطيط الطبيعي ثم من حماية البيئة، وعاين مهندس البلدية الموقع ولم يبد أي اعتراض، ثم أعادت الأجهزة التنفيذية النظر في الأمر وأعطت رخصة بإقامة المطبعة، ولكن ومع الأسف فإن هناك طرفا - مهما كان صغيرا - يتحرك على أسس غير علمية وغير منطقية ويحاول إثارة الغبار ضد «الوسط» لأسباب ليست لها علاقة بحماية البيئة وليست لها علاقة بحماية الساكنين في أي شيء. فكل ذلك مردود عليه علميا وكل ذلك مردود عليه واقعيا. والبحرين ليست أفضل من سويسرا، ونحن لن نقوم بأكثر مما هو موجود في زيوريخ أو أي من المدن النظيفة والجميلة في العالم، ولكن هناك من همه شيء آخر غير حماية البيئة وغير تطوير المنطقة اقتصاديا، وإلا لكانت سنة واحدة من التقديمات العلمية والمدعومة بكل شيء كافية لحل الإشكال. في بلدان أخرى يطول الأمر أسبوعا أو أسبوعين ويفرغ الجميع من الأمر، أما في البحرين فالأمر يطول وتزدحم الشوارع وتزداد الأوراق، ولكن ليس بالضرورة بسبب النمو الاقتصادي
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 669 - الإثنين 05 يوليو 2004م الموافق 17 جمادى الأولى 1425هـ