العدد 667 - السبت 03 يوليو 2004م الموافق 15 جمادى الأولى 1425هـ

الإقصاء من الانتخابات إلى الحوار

يوسف البنخليل comments [at] alwasatnews.com

الانتخابات البلدية الماضية في العام 2002 كشفت عن طبيعة العلاقات الحقيقية بين الجمعيات السياسية، وقد كانت هذه التظاهرة السياسية أول اختبار حي لقدرة الجمعيات على التعامل مع بعضها بعضا في إطار قانوني للعمل السياسي في ظل مناخ حر للمناورة السياسية.

إلا أنه منذ تلك الانتخابات يمكن ملاحظة إخفاق القوى السياسية على رغم النضج والوعي الذي كانت تدعيه في أدبياتها منذ ظهورها خلال النصف الأخير من القرن العشرين في معالجة تأثيرات البنى التقليدية والطائفية على العمل السياسي. فهذه البنى أعاقت كثيرا تطور العمل السياسي في النظام، ويمكن ملاحظة ذلك في الآتي:

- استمرار إنشاء جمعيات سياسية ذات مصالح طائفية صرفة، وهو ما يعد استمرارا لعملية دعم البنى الطائفية في المجتمع.

- طبيعة القضايا التي طرحتها الجمعيات السياسية على أجندتها منذ تأسيس ثنائية المقاطعة المشاركة في فبراير/ شباط 2002، فقد كانت هذه القضايا في الغالب تعبيرا صريحا عن أولويات طائفية، ما أدى إلى فرض الأجندة الطائفية على الأجندة السياسية للجمعيات.

- شخصنة العمل السياسي، أي ارتباطه بأفراد وليس مؤسسات، وهو ما يتعارض ومفهوم مأسسة العمل السياسي. كما ان الشخصنة دليل على استمرار الدور الذي تلعبه القيادات الفردية في الطائفة أو القبيلة أو حتى الأسرة. وفي غالبية الأحايين يكون الدور الفردي متسلطا وغير متوازن بحيث يحفظ العلاقة بين المصلحة الفردية والمصلحة العامة التي يفترض أن يحفظها ويصونها.

- تباين الدور الذي تلعبه المرأة في العمل السياسي ومحدوديته، وجاء ذلك انعكاسا للتركيبة الثقافية والقيم الفكرية التي يحملها المجتمع تجاه المرأة ودورها. ففي الوقت الذي تقبل فيه المجتمع البحريني عمل المرأة، فإنه مازال غير متقبل لممارستها السياسة، ودليل ذلك نتائج الانتخابات البلدية والنيابية.

أما الأثر الأعظم في تأثير البنى التقليدية والطائفية على العمل السياسي، فهو إن سيادة وانتشار سياسات الإقصاء بمختلف أشكالها، فكرية كانت أم على صعيد الممارسة أم قائمة على المصالح الذاتية قد انتقلت إلى القوى السياسية.

ففي الانتخابات البلدية الأخيرة تنافست عدة جمعيات سياسية وفق مفاهيم الإقصاء الطائفي، وكانت المحصلة أن نتائج الانتخابات قد تناولتها أفواه المواطنين بأعداد طائفية (أعداد مقاعد السنة، ومقاعد الشيعة). وبعد انتهاء هذه الانتخابات ظهرت حالات أخرى من الإقصاء، وأبرزها ما شهدته الانتخابات النيابية عندما تم توظيف الدين بشكل مفرط وغير مدروس كأداة من أدوات الإقصاء السياسي مارستها بعض الجمعيات السياسية المشاركة وكذلك الأفراد من أجل الحصول على مكاسب انتخابية بحتة.

وخلال الأسابيع القليلة الماضية شاهدنا وتابعنا شكلا جديدا من الإقصاء، عندما أعلنت جمعيات التحالف الرباعي معارضتها توسيع نطاق الحوار السياسي مع السلطة بشأن المسألة الدستورية باعتبار الأخيرة قضية حصرية على جمعيات أربع هي التي تمثل جموع الشعب وتدافع عن حقوقه الدستورية.

قد يفهم أن القوى السياسية هي وحدها التي تأثرت بدور البنى التقليدية والطائفية في المجتمع وأدت إلى تزايد حالات الإقصاء، إلا أن هذا التأثير امتد إلى السلطة عندما أقصت قوى سياسية أخرى تتميز بالضعف وهامشية التأثير في النظام من الحوار بشأن المسألة الدستورية.

ويبقى التحدي الأهم في كيفية معالجة تأثير البنى التقليدية والطائفية في النظام على القوى السياسية، وتفعيل دور الأخيرة لمحاربة وتحجيم أي نفوذ من هذه البنى المتخلفة عن التطورات السياسية التي شهدها النظام

العدد 667 - السبت 03 يوليو 2004م الموافق 15 جمادى الأولى 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً