لماذا لا يستجيب الأبناء أحيانا لنتائج أعمالهم المنطقية ولا يتطور سلوكهم؟ سؤال يحير الكثير من الآباء، لكن الإجابة عليه في رأي خبراء التربية بسيط ويتلخص في عدة أسباب، لم ينتبه لها الآباء وعليهم الالتزام بها لتفيد هذه الطريقة في تحسين سلوك أولادهم.
ليسأل الآباء أنفسهم هذه الأسئلة الستة التي سأستعرضها الآن، فإذا كانت الإجابة عليها بنعم... فإن الطريقة لابد أن تكون فعالة... لأن الآباء أحيانا يطبقون ما يقرأون من طرق تربوية بأسلوبهم الخاص، لا بالأسلوب الذي يشرحه خبراء التربية.
أولا: هل قام الآباء بتطبيق نتائج أفعال أبنائهم المنطقية مباشرة بعد تصرفات أبنائهم السلبية؟ لأن التطبيق لكي يكون مؤثرا لابد أن يكون بعد ارتكاب الطفل التصرف الخطأ مباشرة.
ثانيا: هل قام الآباء بتطبيق هذه الطريقة بصفة مستمرة أم متقطعة؟ لأن الاستمرار ضروري جدا حتى تكون النتائج إيجابية على سلوك الأبناء فيتحسن سلوكهم.
ثالثا: هل كان العقاب الذي طبقه الأب على ابنه مثلا له علاقة بالفعل الذي قام به؟ لأنه يجب أن يكون كنتيجة منطقية للسلوك السلبي الذي ارتكبه.
رابعا: هل استخدمت الأم الطريقة الديمقراطية الحازمة نموذجا يتبعه الابن كسلوك سليم ولم تستخدم الطريقة المتساهلة أو المتسلطة؟ لأن هاتين الطريقتين ترسلان رسائل غير التي تقصدها الأم... فلا يستفيد منها الابن.
خامسا: هل الطريقة التي تعاملت بها الأم في استخدام نتيجة سلوك الطفل السلبي مؤقتة؟ وهل لها بداية ولها نهاية أم استخدمتها بعد فوات الأوان أو قالت لابنها: «ألم أقل لك إنك ستفعل ذلك في نهاية حديثها»...؟ لأن كل هذه الأساليب في التعامل مع نتائج سلوك الابن المنطقية لا تصل به إلى الرغبة في تحسين سلوكه.
سادسا: هل اتبع الأب أو الأم نتائج أفعال أبنائهم المنطقية بكلام مباشر وواضح؟
إذا طبق الآباء هذه الشروط الستة... فإن هذه الطريقة التربوية تعد من أنجح الوسائل لتحسين سلوك الأبناء.
لكن توجد عدة أمور على الآباء أن ينتبهوا لها وهم يطبّقون هذه الطريقة وهي جملة يرددها الأطفال أحيانا في هذه المواقف هي: «لن يهمني ما تفعلين» كرد الطفل على حرمانه من لعبة مثلا كان يلعب بها وحرمته أمه منها طوال اليوم، لأنه يختبر بهذه الجملة والدته ليرى ما إذا كانت ستتراجع عندما تعلم أنه لن يهتم. على الأم هنا ألا تتراجع وتطبق النتيجة المنطقية لسلوك ابنها السلبي مباشرة بأن يتحمله كعقاب له لكي لا يكرره مرة أخرى... وإذا أعاد الابن التصرف السلبي نفسه... عليها أن تكرر العقاب بالأسلوب الحازم الهادئ المباشر نفسه... وسيؤتي ذلك ثماره الطيبة من ناحية تطوير سلوك ابنها.
إن التربية تحتاج إلى الصبر والتمرين والتكرار والاستمرار ووضوح الهدف لدى الآباء لكي يستفيد منها الأبناء في تحسين سلوكهم.
إن عشر دقائق يقضيها الابن في غرفته لأنه خالف قواعد البيت لها تأثير إيجابي على سلوكه إذا قام الأب بتكرارها لابنه إذا عاند وتعمد التكرار... وكنت طرحت أمثلة كثيرة للتعامل مع الأبناء بالنسبة إلى هذا النوع من التصرفات، وعلى القارئ أن يعود إليها ليتعرف على كيفية تحمل الأبناء نتائج أفعالهم المنطقية... إن تحديد الوقت للطفل بأسلوب حازم هادئ ومباشر وواضح، ومن غير تجريح لشخصية الطفل يعتبر من أفضل الوسائل لتطوير سلوك الأبناء... لكن معظم الآباء لا يطبقونها بالأسلوب الذي ذكرته... ويجعلونه مرتبطا بالقسوة والسجن والتجريح لشخصية الطفل... الأسلوب التسلطي في تطبيق هذه الطريقة يسيء إلى شخصية الطفل وتدهور سلوكه... لأنه يستثير الغضب والانتقام في نفسه لا الرغبة في تحسين سلوكه... كما أن الأسلوب المتساهل أيضا يسيء إلى شخصية الطفل وله المفعول السلبي نفسه عليه، لأنه لا يوحي له بالحزم والقدرة على تنفيذ القرار... والطفل هو الذي يقرر متى يبدأ ومتى ينتهي بالنسبة إلى الوقت المحدد للعقاب، هذا إذا كان هناك عقاب من الأساس، لأن الطفل بهذه الطريقة هو الذي يتلاعب بوالديه وقوانينها، إذ إنه هو المحدَّد لوقت العقاب وهما يسمحان له بذلك بسبب تسامحهما وعدم ثباتهما على القرارات التي يحددانها.
لنتأمل هذه الجملة تصدر من أم ونتصور وقعها على الطفل في هذا الأسلوب... إذا قالت الأم لابنها: «اذهب إلى غرفتك ولا تخرج إلا عندما تعتقد أنك تستطيع أن تلتزم بما وعدتني به من إتمام واجبك»، فمن يقرر هنا؟... الطفل طبعا وليس الأم... هل الرسالة واضحة للطفل أن أمه غاضبة عليه وحازمة؟ لا طبعا... الرسالة مشوشة ولا تمنح الطفل الهدف من عقابه الناتج عن سلوكه السلبي... إذا، الطفل هنا هو الذي يتحكم في مسرح الحوادث وهو الذي يقرر لا الأم... وطبعا سيمنح الطفل نفسه عقابا سهلا وسيدعي أنه استفاد منه وسيحسن سلوكه... ولن يفعل شيئا من ذلك.
إن تحديد الوقت لعقاب الطفل كنتيجة منطقية لسوء سلوكه يجب ألا يقل عن عشر دقائق ولا يزيد على عشرين دقيقة، وإلا فإنه سيرتبط بشكل السجن والقسوة وسيؤدي إلى نفور الطفل من تطوير سلوكه... كما أن على الوالدين إعادته عدة مرات لكي يرسخ في ذهن الطفل حتى لا يكرر تصرفه السلبي... وسيرى الآباء أن أبناءهم سيتطور سلوكهم تدريجيا إلى الأحسن
إقرأ أيضا لـ "سلوى المؤيد"العدد 666 - الجمعة 02 يوليو 2004م الموافق 14 جمادى الأولى 1425هـ