جماعات «الخضر» في أوروبا وأميركا تلعب دورا في تغيير القرارات السياسيةلانهم دُعاة حماية البيئة، كما يطلقون على أنفسهم. وهم يسعون إلى تطبيق أحكام تحمي البيئة من بطش يد الإنسان وطمعه في تحقيق المزيد من المال عبر مشروعات غير مدروسة تقترف جرائم بحق الطبيعة.
ولولا جماعات «الخضر» الضاغطة لم تتحقق معالجة آثار تدمير البيئة وهم الذين يساعدون السياسيين - من تحت قبة البرلمان - لفك الرموز وإيجاد الحلول للحفاظ على الغابات والبحيرات والأراضي المزروعة وغيرها. لكن في البحرين جماعات «الخضر» غير حاضرة وغير ضاغطة وعددها قليل ولا تؤثر في القرار السياسي، وكل ما لدينا حاليا هو عبارة عن جمعيات أو جهات رسمية تهتم بشئون البيئة من دون قوة حقيقية او استراتيجية واضحة. وهذا ادى الى استمرار المشروعات غير المدروسة بيئيا لأن الرقابة والمعايير غائبة ولا يحاسب من يخالف ذلك.
هناك بعض الجهود المشكورة في حماية بعض المحميات الطبيعية، لكن هذه المحميات بعيدة عن أنظار المواطن، أي انها اما في جزر أخرى أو في مناطق بعيدة بجنوب الجزيرة (الأم)... فعندما تشاهد اليوم خليج توبلي تشعر بالحسرة لما وصل إليه حاله، فالدفان يقطع أنفاسه، بل إن الطيور وأشجار القرم انقرضت ولم تبقَ إلا روائح كريهة تصل إلى قاطني هذه المنطقة وتلوث بحري يفوق التصور.
أما إذا ذهبت إلى المناطق المتوسطة بالقرب من سند والأماكن التي كانت تشتهر في البحرين بالقنوات المائية الرائعة التي تحمل بين جوانبها أشجار القرم فإنك تجدها اليوم تحولت إلى منطقة مهملة أو بالأحرى إلى مزبلة لقاذورات المصانع القريبة منها. والحزام الأخضر اختفى اليوم وما عاد له وجود بسبب سياسة التصحر عبر تجفيف هذه المناطق أما بإلقاء مواد كيماوية حارقة عليها أو تعطيشها حتى تحولت البحرين - التي كانت تسمى وتعرف بأم المليون نخلة - إلى «أم لمليون جدار اسمنتي»، فالجدار الاسمنتي حل محل النخلة البحرينية التي أصبح وجودها محدودا، وحتى في باحات المنازل، هذا إن كان أصحاب المنازل أقاموا حديقة لأن ذلك يعد بالعملة النادرة.
فحتى ثقافة حديقة المنازل بدأت تقل تدريجيا، فالقليل من لديهم اليوم حديقة في منازلهم، كما أننا لا نجد حديقة عامة في منطقة سكنية. حتى المتنزه اليتيم والوحيد في البحرين «عين عذاري» في طريقه إلى الانقراض وخصوصا أن سياسة تقطيع النخيل والبقع الخضراء القريبة من هذا المتنزه امتدت أخيرا لتعلن عن بقعة تصحر أخرى في البلاد.
لو كانت لدينا جماعات «خضر» فعالة كالتي نسمع ونقرأ عنها في بلدان أخرى لكان حال بيئتنا ونخلتنا أفضل حالا... ذلك لان الجماعات الضاغطة اصبحت تلعب دورا سياسيا، وذلك لأن البيئة النظيفة هي حق من حقوق المواطن الطبيعية
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 666 - الجمعة 02 يوليو 2004م الموافق 14 جمادى الأولى 1425هـ