بدعوةٍ من اللجنة الثقافية في «عاليه»، حاضر آية الله السيِّدمحمد حسين فضل الله، تحت عنوان: «الحوار مع الغرب، منطلقات وآفاق»، بحضور ممثل قائد الجيش العقيد محمد شيو، ورئيس جهاز الأمن القومي العميد وليد سلمان، ورئيس محكمة الاستئناف الدرزية القاضي الشيخ مرسل نصر، والأب جورج مسُّوح، والنائب أكرم شهيب، وإمام بلدة القماطية الشيخ مهدي الغروي، والكثير من الفاعليات الروحية والثقافية والاجتماعية والتربوية والأهلية، وممثلين عن الأحزاب والقوى اللبنانية، وحشد كثيف من الحضور الشعبي.
بعد تقديمٍ وتعريفٍ بالسيد فضل الله ومسيرته الفكرية والفقهية والجهادية، تحدث السيد فضل الله قائلا: «أن تكون إنسانا، ألا تعزل نفسك عن الإنسان الآخر، كُنْ من شئت في ما تنتمي له دينيا أو تنتمي له سياسيا أو ثقافيا، ولكن لماذا تعتبر نفسك وحدك ممن يحق له الانتماء في ما يريد أن ينتمي إليه، فإذا كان الاختلاف معي من حق الآخر فلماذا لا أملك هذا الحق في المقابل لأعبِّر من وجهة نظري وما أفكر به وما أطرحه من رأي». وأضاف: «إنّنا نعتبر الذين يرفضون الحوار مع الآخرين أناسا يعيشون (الجبن الثقافي) والضعف الفكري، لأنك عندما تملك الفكرة، وتملك وضوح الرؤية فيها، فإنّك تتقدّم للعالم ليُقدِّم حتى يستمع العالم إليك في ما تفكر وتسمع وتعبر، وفي ما يريد العالم أيضا أن يسمع ويُعبِّر. هذا الامتداد الإنساني يفترض أن تكون حواريا مع نفسك شرط فهمها، أو في ما تنبض به من حركة العواطف والآمال والمشروعات لتكون صوتا لنفسك لا صدى لأصوات الآخرين، لأن مشكلتنا أنّنا نحبُّ ونبغض ونفكر ونتحرك من خلال التقليد للآخرين لنكون الأصداء لا الأصوات الفاعلة...
وتابع: «لقد أطلقنا منذ سنين شعار «لا مقدسات في الحوار» انطلاقا من الوحي القرآني في ما أطلقه القرآن من حوار، فإذا أردنا الدخول في الحوار مع الآخر علينا أن نتقبله كما هو. استحضر كل فكره ولا تحمله وجهة نظرك في فهمك له، دعه يتحدث عن وجهة نظره وحاوره في ما يطرح، لأنَّ من مشكلاتنا المثارة دائما قضية «حوار الطرشان» وهو ما نحكم به ونتحدث به مع الآخر ونتحاور معه من خلال ما نريد نحن، وما نفكر فيه، وما نسعى ليتحدث به الآخر...
من خلال كُلّ ذلك نطل على واقع العلاقة مع الغرب، والحوار مع الغرب إذ يحمل الكثير من الناس الهزات في هذه العلاقة والحوار نتيجة التطورات المستجدة بالنسبة إلى هذا الموضوع، فقد كان يقال «الشرق شرق والغرب غرب» ولكنّ العالم تحول إلى قرية صغيرة إذ يتأثر الشرق بالغرب، والغرب بالشرق، مع اختلاف الاثنين في الخطوط الفكرية والثقافية والسياية، فليس هناك غرب مطلق ولا شرق مطلق».
وأردف: «إن الحديث عن الإدارة الأميركية يُحرِّك فينا كُلّ النظرة للغرب، فأميركا في مظالمها وسياستها التدميرية السادية بما تمثلها إدارتها، ليست الشعب الأميركي الذي نريد صداقته وإطلاعه على الوجه الحقيقي لقضايانا، من خلال الحوار مع المؤسسات الثقافية ومراكز الدراسات، والشعب العامل المثقف، حتى أرسلنا لجميع المجنسين في أميركا والغرب عامة بأن يكونوا أصلا وأساسا في النسيج الحياتي الأميركي والغربي مع الاحتفاظ الأساسي بالهوية الإسلامية، والشرقية، فاهتمامات الإنسان الذي نعيش معه هي اهتماماتنا تفاعلا ومشاركة وتأثرا وتأثيرا».
وختم السيد قائلا: «لقد سعينا ونسعى دائما إلى حوار مع المجتمع الأميركي بكلِّ أطيافه، ولكنّ أميركا الإدارة لا تريد الحوار ولا تسعى له لأنّها تحولت في حال طوارئها إلى كيان العالم الثالث، فلقد أدخل الرئيس الأميركي بوش المنطقة كلها في دائرة العنف والإرهاب، وأدخل المسألة الفلسطينية في دائرة الإرهاب والأمن الذي تلقّفه شارون ليصفي كل حساباته مع الشعب الفلسطيني».
وخلص إلى القول: «إنّ علينا التفريق على المستوى السياسي بين الغرب الأميركي والغرب الأوروبي الذي يخضع للضغوط الأميركية مع تفهمه لواقع الشرق العربي والإسلامي وقضاياه»
إقرأ أيضا لـ "السيد عبدالله الغريفي"العدد 665 - الخميس 01 يوليو 2004م الموافق 13 جمادى الأولى 1425هـ