العدد 665 - الخميس 01 يوليو 2004م الموافق 13 جمادى الأولى 1425هـ

رؤية مرتبكة

أحمد البوسطة comments [at] alwasatnews.com

من خلال لقاءين منفصلين بين الحكومة ممثلة في وزارة العمل والشئون الاجتماعية من جهة، و«جبهة» المقاطعة، زائد «خليط» من تسع جمعيات مشاركة من جهة أخرى؛ يبدو المشهد السياسي وكأنه لعب في الوقت الضائع، أو «قفزة في الفراغ» تثير أسئلة مشروعة، ظاهرها إيجابي وباطنها شيء مغلف بالألمنيوم لطبخة نشم رائحتها إلا أننا لم نتذوقها بعد (...).

المسألة ليست استخفافا بالحوار الدائر للخروج بتصور مشترك، وليس انتقاصا من قدرات المتحاورين وأهدافهم، سواء كان عبر البرلمان أو عبر آليات أخرى، فالكل يريد أكل العنب وليس قتل الناطور؛ لكن ما يخرج من تسريبات إخبارية غير سارة، تارة بتوحيد الصيغة الخبرية عما جرى من حوار، وتارة أخرى ببث تصريحات «بالونية»، الغرض منها خلط أوراق وإثارة بلبلة بين صفوف الناس، أكثر منه تخفيف الاحتقان.

السؤال الأول: ما الحكمة من تخصيص لقاء دوري أسبوعي للجمعيات الأربع المقاطعة، في حين يتفق على اجتماع نصف شهري مع تسع جمعيات يجهل المتابع بعض أسمائها واتجاهاتها الفكرية؟!

السؤال الثاني: كيف اتفق تسعة من رؤساء جمعيات مختلفين (من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار)، هكذا وبكل بساطة والحكومة دفعة واحدة على أن التعديل فقط عبر المجلس الوطني خلال اجتماع واحد؟ وما الغرض من صوغ بيان بهذا المحتوى والحوار للتو بدأ «بالبسملة»؟ فهل ذلك لقطع طريق على الجمعيات الأربع وحشرها في زاوية ضيقة ليقال لهم من بداية المشوار: هذا هو الموجود... وكفى على طريقة: «يا هلمركب يا ما أركب!» أو كما قال أحد المسئولين: «مشو بوزكم يا معارضة؟!».

السؤال الثالث: إذا كان المطلب الدستوري يخصّ الجميع، والكل يقر بأن السلطة التشريعية (النصف منتخبة والنصف معينة) ناقصة الصلاحيات ولا تحظى بتأييد الغالبية العظمى من الشعب الذي من المفترض أنه مصدر التشريع، وإذا كان كل تعديل دستوري يحتاج إلى ثلثي الأصوات من المنتخبين والمعينين، وهو أمرٌ يصعب تحقيقه ضمن آلية المجلس الحالي التي لا تخفى على لبيب إلا إذا أرادت الحكومة ذلك، فلماذا اللف والدوران في قضية تحظى برغبة شعبية واسعة لتصويب الإصلاحات والنهوض بالعملية الديمقراطية؟ هناك وضوح رؤية عند الجمعيات الأربع عن الأزمة الدستورية أو الإشكالية الدستورية تم تثبيتها في المؤتمر الدستوري الذي عقد في فبراير/ شباط الماضي، وأفكار هذه الجمعيات متجانسة في هذه المسألة بشعارها المركزي: «دستور عقدي لمملكة دستورية»، بينما «خليط التسع» لكل جمعية «فَتْوَتها» الخاصة، ويسجل لجمعية واحدة فقط بالكثير تاريخ نضالي معروف، قدمت خلاله أول شهداء الحركة الدستورية في البلاد، بينما البقية الباقية جمعيات ذات ثقل خفيف في العمل السياسي، وجلها لم يخض معركة سياسية - دستورية - ديمقراطية واحدة في تاريخ البحرين الحديث والقديم (اللهم... جل اهتمام البعض بالعمل الخيري غير السياسي، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وممارسة الإرهاب الفكري والتكفير للآخرين).

المفارقة العجيبة، أن الجمعيات التسع اتفقت مع الحكومة على «التعديلات» عبر البرلمان، ويبدو أنها بذلك أنهت المسألة، ولكن لا نعرف بطبيعة الحال، حجم هذه التعديلات، وكيف سيقرها المجلس الوطني بغرفتيه، وكم عدد الأصوات التي جمعتها الجمعيات التسع في البرلمان لتمرير التعديلات بغالبية الثلثين على رغم أن حجم أعضائها في المجلس لا يساوي «النصف»؛ وأخيرا، كيف التقت رؤى المنبر التقدمي مع «الاصالة» وهذه الأخيرة كانت تعتبر الديمقراطية «مفسدة» ودخولها البرلمان لـ «درء مفسدة كبرى بمفسدة صغرى». نتمنى على أعضاء البرلمان «الأشاوس» الذين خذلونا في قضية هيئتي التأمينات والتقاعد، أن يتمكنوا من تحقيق طفرة نوعية ليس في التعديلات الدستورية فحسب، بل في إلغاء المراسيم بقوانين التي أثير حولها الجدل، وعندها سترفع أصغر ربة بيت بحرينية «امتنانا كبيرا وتحية ودعاء مستجابا» بأن يحفظهم الله ويبارك خطاهم... آمين يا رب العالمين.

كاتب بحريني

العدد 665 - الخميس 01 يوليو 2004م الموافق 13 جمادى الأولى 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً