داغستان إحدى الجمهوريات الصغيرة في منطقة القفقاز، يزيد عدد سكانها على مليونين ونصف المليون نسمة، غالبيتهم من المسلمين، وثلاثة أرباع مساحتها تغطيها الجبال.
عاصمة داغستان «محج قلعة»، وهو اسمٌ التصق بها منذ أيام الفتوح الأولى. ومن أهم مدنها «دربند»، التي عرفت في التاريخ الإسلامي بـ «باب الأبواب»، كونها الممر بين قارتي آسيا وأوروبا... أما اليوم فاكتشفنا أنها أصبحت بابا من نوع آخر!
ففي منتصف الشهر الماضي، نقلت وكالة «نوفوستي» الروسية للأنباء خبرا عن اعتقال حرس الحدود في داغستان شخصين بتهمة محاولة «بيع» فتاتين روسيتين دون العشرين، للعمل في سوق الدعارة في البحرين... والعياذ بالله!
جهاز الأمن الفيدرالي أوضح أن الفتاتين تم توقيفهما عند مكتب مراقبة الجوازات في رحلةٍ جويةٍ من داغستان إلى الشارقة، ومنها إلى البحرين لتأخذا فرصتهما في السوق الجديدة.
داغستان ذات حكم ذاتي ضمن روسيا الاتحادية، التي ورثت أمجاد الاتحاد السوفياتي، ومع ذلك استخدمت الوكالة كلمة «بيع» للتعبير عن حقيقة ما يجري لفتياتهن، رغم ما فيها من جرحٍ للكبرياء القومي.
في اليوم التالي لنشر الخبر، بادرت الإدارة العامة للمباحث والأدلة الجنائية ليس لنفي الخبر فحسب، بل لنفي وجود سوقٍ للدعارة في البحرين من الأساس! فمن يقول بوجود سوقٍ للدعارة إنما هو مغرضٌ أو لديه أجندة امبريالية مشبوهة، أو عميل للموساد. فنحن لدينا سوقٌ للاتجار بالعقارات، وسوقٌ للأسهم، وسوقٌ للمواد الغذائية، وسوقٌ للمقاصيص... ولكن (عمرنا) لم نسمع بسوق للاتجار بالبشر، أو الدعارة (مكرّم السامع)، فهذه من أكبر الافتراءات الصهيوأميركية!
من هنا... فإن الإدارة المعنية، وبعد التأكّد من المعلومات التي أوردتها وكالة نوفوسيتي للأنباء، ستقوم بالاتصال بسفارة جمهورية داغستان الروسية التي تحمل الفتاتان جنسيتها، للحصول على معلومات أكثر، للوقوف على ملابسات الحادثة!
بعد مرور أسبوعين من نفي الخبر الكاذب، نشرت الصحف أمس خبرا عن توجيه النيابة العامة أمرا بإغلاق فندق في الجفير بالشمع الأحمر، وحبس 13 متهما ومتهمة بالدعارة، من بينهم مدير المقهى (الكوفي شوب) وزوجة المستثمر، سبعة أيام على ذمة التحقيق.
طبعا لم تقم إدارة مكافحة جرائم الآداب العامة بذلك حسب مزاجها، وإنّما بعد وصول معلوماتٍ مؤكدةٍ (مليون بالميّة)، عن وجود ممارسات «غير أخلاقية» تحدث في غرف هذا الفندق! وبعدما أكّدت التحريات حدوث تلك الممارسات غير اللائقة والخادشة للحياء، صدرت الأوامر بتفتيش الفندق، بعد عمل كمين قام به مصدران سريان، فصعدا إلى غرفتين مزودتين بفتاتين، وفي الوقت المناسب أعطيا إشارة لقوة الشرطة التي داهمت المكان.
الخبر يقول أيضا إن «المستثمر» تمكّن من الهرب قبل القبض عليه، تاركا زوجته التي تشاركه في التحريض على الدعارة وتسهيل أعمالها، وتم القبض على مدير «الكوفي شوب» و11 متهما ومتهمة، والغريب أنه تبين أنهم من جنسيات عربية وإفريقية، وليس سوفياتية أو روسية أو داغستانية!
تبيّن أيضا أن «المستثمر» الهارب هو الذي يوفّر البضاعة في غرف خاصة، ومدير «الكوفي شوب» هو الذي يتفق مع الزبائن، ويتولّى تدريبهن على أصول المهنة، من مداعبات وملامسات ومؤانسات!
فنادق وشمع أحمر ومداهمات، ومستثمر ومدير «كوفي شوب» وبيع فتيات، ومخالفات شروط الإقامة وصفقات، وسوق مقاصيص وبضائع مستوردة من داغستان... من يقول إن عندنا سوقا للدعارة وتجارة بالبشر؟
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 2368 - السبت 28 فبراير 2009م الموافق 03 ربيع الاول 1430هـ