العدد 2368 - السبت 28 فبراير 2009م الموافق 03 ربيع الاول 1430هـ

الخلل الصغير يتحول إلى كبير إذا لم يعالج

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

أعمال الشغب المتواصلة بصورة شبه ليلية في عدد من مناطق البحرين بدأت تؤثر بشكل واضح على الحياة العادية للمواطنين ومستخدمي الشوارع العامة. ففي الليالي الماضية تم تخريب التوصيلات التي تتحكم في الإنارة الليلية، وأصبحت أجزاء غير قليلة من الشوارع والقرى مظلمة، وهذه الحال تؤثر في سبل كسب المعيشة لشركات ومحلات صغيرة، ولاسيما مع ابتعاد الناس عن المتاعب المتكررة في المناطق المعنية. وبعض أصحاب المحلات يقولون إن نشاطهم التجاري يتأثر بنسبة 90 في المئة في الليالي المتوترة.

إضافة إلى كل ذلك، فإن قوات الأمن عمدت خلال الأسبوعين الماضيين إلى نشر نقاط تفتيش عند مداخل عدد من المناطق السكنية، وهذا أيضا يتسبب في المزيد من التعطيل لحركة المرور الاعتيادية. وإذا أضفنا إلى كل ذلك مسلسل الحصار الأمني على مسجد الصادق في القفول مساء كل جمعة تكتمل لدينا صورة لبعض ما يجري هذه الأيام.

عدد من الشباب الغاضبين تراهم ينطلقون إلى الشوارع في بعض المناطق لإشعال النار في صناديق القمامة وفي الإطارات، ومن ثم الاشتباك مع قوات الأمن، وهذا بدأ يتطور أكثر مع إعلان وزارة الداخلية مساء أمس عن تعرض سيارة مدنية تابعة للشرطة لاعتداء بالقنابل الحارقة عند مدخل الدراز، التي ظلت محاصرة بعد الحادث لمدة اربع ساعات.

هذه الاضطرابات تبدو أحيانا منخفضة المستوى بحيث تعود الناس في عدد من المناطق عليها، ولكن استمرارها وزيادة حدتها بدأت تؤثر على الوضع العام. فالغازات والأدخنة تضر بالاستنشاق، إضافة إلى القنابل الصوتية والرصاص المطاطي (أو شيء آخر يشبه المطاطي) والإصابات في البشر والسيارات التي أصبحت متكررة، كلها تجعل المشهد خطيرا. هناك عوائل حاليا تتضرر، وأولئك الذين يحتفظون بحيوانات وطيور ودواجن وغيرها وجدوا أن هذه الكائنات تتدهور صحتها وبعضها تموت. إضافة إلى أن تكرار استخدام هذه الغازات من شأنه أن يحول عددا غير قليل من المناطق إلى بيئة غير صحية تنافس «المعامير» التي يعاني أهلها من شتى أنواع الأمراض بسبب الغازات الصناعية المحيطة بهم، بما في ذلك أمراض السرطان والتأثير على الرئة والتنفس.

الكثير من الناشطين المؤثرين في الساحة يشعرون حاليا بالإحباط الشديد، وأنهم ربما لم يعد لديهم مايفعلونه، وحتى أنهم توقفوا عن التداول والنقاش في هذه الأمور، والكثير يغض طرفه تاركا الأوضاع على ماهي عليه، و«ليكن ما يكن».

غير أن مثل هذا التعامل ليس صحيحا، لأنه تخلٍ عن المسئولية وهو انجراف نحو المجهول، فالعنف والتوتير له عواقب غير حميدة على البلاد، كما أنه علامة على اليأس والعجز من جانب المجتمع والسلطة في معالجة الخلل الصغير الذي يتحول مع الزمن إلى خلل كبير

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 2368 - السبت 28 فبراير 2009م الموافق 03 ربيع الاول 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً