وصل أمس الأول وزير الخارجية الأميركي كولن باول إلى الخرطوم في زيارة للإطلاع على الواقع في دارفور. لقد وضع الزائر (الثقيل) ثلاثة شروط قال إنه يجب على الخرطوم تنفيذها فورا وإلا ستواجه عقوبات من المجتمع الدولي، وهي: أولا أن تسيطر على الميليشيات العربية الموالية للحكومة المتهمة بقتل السكان ذوي الأصول الإفريقية - على حد زعمه، ثانيا السماح للمنظمات الإنسانية بالعمل في الإقليم بحرية وثالثا بدء مفاوضات مع حركتي التمرد.
إن المرء ليتعجب من منطق هذا الزائر الآمر، فالشرط الأول افتراء محض إذ إن القبائل العربية التي أشير لها لم تكن معتدية على أحد فهي عاشت مع هؤلاء الأفارقة منذ القرن السادس عشر ولم تكن هناك نزاعات وصلت إلى هذا الحد فالغرض منه وصم العرب بالعنف والإرهاب، وإذا تطرقنا للشروط الثاني نجد أن المنظمات الإنسانية والإغاثية تجوب الآن دارفور شمالا وجنوبا وشرقا وغربا وتحصل على التأشيرات من سفارات السودان المختلفة من دون شرط، ولكن الغرض من الشرط الجزئية الأخيرة (العمل بحرية تصل لدرجة السماح للمنظمات المشبوهة بتوصيل السلاح للمتمردين وهذا الشيء مجرب في حرب الجنوب التي يقودها قرنق)، أما الشرط الثالث فهو الأهم لباول، إذ يريد الوزير أن يفرض المتمردون أجندتهم على الخرطوم حتى إن كانت المطالبة بفصل الإقليم ليلحق بالانفصال الوشيك لجنوب البلاد.
إن أزمة دارفور ليست من طرف واحد (حكومة الخرطوم) بل هي في المقام الأول ناتجة عن خروج متمردين على القانون منذ أنظمة سابقة وحكومة تريد فرض سيادتها وطبعا انعدام التنمية ليس مقتصرا على دارفور بل تعاني منه جميع مناطق السودان
إقرأ أيضا لـ "عزوز مقدم"العدد 664 - الأربعاء 30 يونيو 2004م الموافق 12 جمادى الأولى 1425هـ