العدد 664 - الأربعاء 30 يونيو 2004م الموافق 12 جمادى الأولى 1425هـ

التعديل الدستوري والأولويات الأخرى

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

الحديث عن التعديل الدستوري في اي بلد ليس عيبا، وهو حق لكل من دخل الساحة السياسية. كما انه من حق هذه الجمعية السياسية أو تلك ان تشارك او تقاطع شريطة ألا يقوم الطرف المشارك بتخوين المقاطع، او العكس من ذلك. وعلى هذا الاساس، فإن التطورات الاخيرة داخل أكبر جمعية سياسية من ناحية الحجم "جمعية الوفاق" محل ترحيب. فالجمعية كانت تعاني من سيطرة رأي واحد وكانت أقلية من اصحاب هذا الرأي الواحد تخون المخالفين لها داخل وخارج الجمعية ولكن يبدو ان الامور سارت الى الافضل وأصبح الحوار اكثر انطلاقا، ولذلك فإن النتيجة التي سيصل إليها الحوار ستكون ان شاء الله ديمقراطية، سواء اتخذت الجمعية قرار الاستمرار في المقاطعة أو المشاركة فذلك حقها اولا وأخيرا. على ان الامل ألا تضيع الوفاق كل جهودها على اولوية واحدة، فهناك اولويات اخرى تنتظرها، مثل تحسين مستوى المعيشة، الاسكان، البطالة، التعليم، الخدمات المتوافرة للناس... الخ. فهذه القضايا مهمة جدا واذا لم تلتفت إليها "الوفاق" فسيسخر الله إلى هذه المهمات من يقوم بها وستتجه جماهير "الوفاق" الى غير الجمعية، ذلك لأن السياسة ليست قضية واحدة، قد تحل وقد لا تحل، بل قد تتعقد اكثر لان هناك من لا يرى مصلحة في ترشيد الحال السياسية. المهم في الامر هو ان تحدد "الوفاق" اولوياتها وأن تعمل على إنجاز عدد منها وألا تحصرها في المسألة الدستورية وفي المقاطعة فقط. فهناك احزاب سياسية في كل البلدان المتطورة تطالب بتعديلات دستورية ولكنها لا تجمد حياتها على هذه المسألة فقط. ففي استراليا هناك المطالبون بتغيير النظام من الملكية إلى الجمهورية وتغيير الدستور لفك الارتباط مع بريطانيا. وهؤلاء يعملون حاليا داخل النظام ويمارسون جميع نشاطاتهم ويحققون لأنصارهم منجزات اخرى. ففي الوقت الذي فشلوا في إحداث اي تعديل طوال السنوات العشر الماضية، فإنه لا يمكن اتهامهم بالفشل في إنجاز اهداف اخرى. وحتى في بريطانيا، الدولة العريقة في الديمقراطية، فإن مطالب التعديل الدستوري كثيرة. فحزب العمال عدل طريقة الحكم عند وصوله العام 7991 وسمح بإقامة برلمانات محلية واصبحت لندن تدار من خلال عمدة منتخب. بل ان هناك طرفا داخل حزب العمال يطالب بما يطالب به البعض في استراليا، وهو إلغاء الملكية. وفي العام 0002 ظهر هذا الطرف على السطح بشكل واضح مستغلا مناقشة موازنة العائلة المالكة البريطانية، التي يتم الاتفاق على ماليتها في البرلمان كل عشر سنوات حفاظا على كرامة الملكة. وبما أن النقاش يتم في البرلمان فان المعلومات عن الاموال المخصصة للعائلة "في العام 0002 كانت قرابة ثمانية ملايين جنيه استرليني سنويا" تصبح متوافرة والبعض يطرحها ويسأل إذا ما كانت بريطانيا تحتاج إلى الملكية. ولكن كل هذا الحوار لا يحدث شللا في الحياة السياسية، كما أن حزب العمال لا يسمح لأقلية منه أن تشله عن العمل وتحصره في مطلب واحد فقط وقد لا يكون هو الافضل على اي حال. أملنا في ان توسع "الوفاق" افق عملها وأن تطرح عدة اولويات لها وألا تخنق نفسها في أولوية واحدة فقط

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 664 - الأربعاء 30 يونيو 2004م الموافق 12 جمادى الأولى 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً