العدد 664 - الأربعاء 30 يونيو 2004م الموافق 12 جمادى الأولى 1425هـ

الفرقة القومية للفنون الشعبية القطرية تسرق الأضواء

في ليلة لا تنسى

الرباط - المصطفى العسري 

تحديث: 12 مايو 2017

ليلة خليجية بامتياز كانت تلك التي شهدتها العاصمة المغربية الرباط الخميس الماضي. فضمن فعاليات الدورة العاشرة لمهرجان الرباط الدولي للثقافة والفنون أحيت الفرقة القومية للفنون الشعبية القطرية في المسرح الوطني محمد الخامس بالرباط أكبر المسارح المغربية على الإطلاق حفلا فنيا تميز باستعراض لوحات مثلت التراث القطري إلى جانب مقطوعات غنائية عصرية سرقت ألباب الجمهور الحاضر الذي ازدحمت به جنبات المسرح التي كان بينها جمهور عربي عريض مثل مختلف الجاليات العربية خصوصا الخليجية منها المقيمة في المغرب. الفرقة القطرية وبلوحات راقصة غنائية مثلت "العمل على ظهر السفينة" وثقت للتاريخ القطري وللمجتمع الخليجي في فترة ما قبل اكتشاف الذهب الأسود عبر حركات جر المرساة والتجديف ورفع الشراع ثم لوحة في "فن الجري" وهو من الفنون التي ارتبطت بحياة الإنسان الخليجي وبحثه عن الرزق و"فن البحري" الذي يتميز بصعوبة إيقاعاته وتنوع تفعيلاته وكان يمارسه في أوقات فراغه بعد العودة من رحلة الغوص الشاقة في أعماق مياه الخليج العربي بحثا عن اللؤلؤ. كما أتحفت الفرقة جمهور مسرح محمد الخامس بالرباط بلوحة من "فن البستة" وهو فن غنائي شعبي محبب لدى الشباب من الجنسين يؤدى في الأفراح بمصاحبة إيقاعات الطارات والطبول والحركات الراقصة ، وهو فن أصله - كما قال رمضان علي ميرزا العضو بالفرقة في تصريح خص به مراسلنا - من العراق ومنتشر في جميع دول الخليج عولج بشكل يتلاءم مع الفن الخليجي، فقدمت مقطوعات منها "يا بنت"وهي أغنية عراقية من منطقة البصرة الجنوبية و"البارحة" وهي من فنون "المروبع" المعروفة في منطقة الخليج. الجمهور المغربي غادر مقاعد المسرح في اتجاه منطقة الخليج ليحضر أحد أعراس المنطقة عبر لوحة قدمت من خلالها الفرقة القومية للفنون الشعبية القطرية أهم مميزات العرس القطري وتقاليد هذا البلد وإبراز الطقوس المتبعة أثناء مرور موكب العروس والعريس وصاحب اللوحة إيقاع "العاشوري" و"الدزة" في مشهد فلكلوري. وعلى إيقاع "الخماري" قدمت الفرقة بأسلوب عصري مقطوعات من الغناء الخليجي على نغمات آلات عصرية وأخرى قديمة إلى جانب لوحة "الصوت العربي" وهي كما قال رمضان من الفنون الخالدة في الخليج القريبة من الموشحات وتؤدى عادة بمصاحبة مطرب وهو يعزف على العود وعلى يمينه وشماله عازفي آلات إيقاعية تسمى بـ "المراويس" إلا أن الفرقة تؤديها بشكل جماعي برؤية موسيقية متطورة حافظت على بناؤها الأصلي. إلى جانب اللوحات الجماعية الغنائية للفرقة القومية للفنون الشعبية القطرية قدم المطرب القطري منصور بوصبار مجموعة من الأغاني من ضمنها "واقف" التي سبق وأن أدتها المطربة المغربية نعيمة سميح وهي من كلمات الشيخ عيسى بن راشد وألحان عبد العزيز ناصر وأغنية "الشيب" وكلماتها مستوحاة من التراث القطري الأصيل. رمضان علي ميرزا وخلال جلسة جمعته بمراسلنا في المغرب ذكر أن "الفرقة القومية للفنون الشعبية القطرية التابعة للمجلس الوطني للثقافة والفنون والتراث الذي يوجد مقره بالدوحة دأبت منذ تأسيسها على تقديم الفنون الشعبية بشكل مسرح يتناسب مع المنهج الذي تسير عليه في تقديم فنونها، والذي يعتمد على انتقاء نوعية الفنون وتهذيبها وإبرازها بشكل يتقبله المتلقي. ومن ضمن الفنون الشعبية الأخرى التي تؤديها الفرقة ذكر علي ميرزا "اللعبوني" وهو فن غنائي راقص نادر تنفرد به دولة قطر وبعض جهات منطقة الخليج العربي، وفن "الفجري والقادري" وهو لون غنائي راقص هادئ، وفن "الحربية" وهو من الفنون الصحراوية التي تعبر عن الأجواء أثناء الاستعداد للحرب وخلالها وبعدها، و"فن السامري" وهو من فنون السمر، و"لوحة القلاف" وهو فن مرتبط بمهنة القلافة وتعتمد على الشعر، وفن "الحصاد ودق الحبش" ولوحاته تؤدى على إيقاع العاشوري من طرف الرجال والنساء معا، وفن "العرضة" من فنون الحماسة الصحراوية والفخر كانت تقام استعدادا لخوض المعارك.

من فعاليات المهرجان "موسم إملشيل للخطوبة"

وكانت فعاليات الدورة العاشرة لمهرجان الرباط الدولي للثقافة والفنون تواصلت يوم الأربعاء الماضي بتقديم عرض فني حول طقوس موسم إملشيل للخطوبة . وتندرج هذه الأمسية التي نظمت بتنسيق مع مركز طارق بن زياد في إطار الفقرة المتعلقة بالفن الأمازيغي التي ستتضمن أيضا حفلا أمازيغيا كبيرا بمشاركة ألمع نجوم هذا اللون إلى جانب حفل للمجموعات الصحراوية. وقد استعادت الأمسية طقوس عرس موسم إملشيل الذي يشكل مكونا من مكونات الثقافة الأمازيغية بقبيلة أيت حديدو البربرية بجبال الأطلس الكبير من خلال نقل تفاصيل حفل زفاف على الطريقة التقليدية منذ الانطلاقة الأولى لعلاقة حب وتفاهم تجمع بين الفتاة والفتى في أماكن مختلفة أو خلال في مناسبات معينة مرورا بعلاقة حميمة تهفو روحيهما من خلالها إلى الترابط الأبدي بينهما. ويقوم الفتى بعد لواعج اللوعة بنقل رغبته في الزواج من حبيبته إلى والديه عن طريق وسيط أو قريب وبعد موافقة الوالدين على قرار ابنهما يتقدمان لخطبة الفتاة من أبويها وبعد القيام بجميع الترتيبات وتحديد موعد الزواج تنطلق المراسيم بتنظيم ليلة احتفالية بمنزل العريس بعدها يتم التوجه في الليلة الثانية إلى منزل العروس لمواصلة ليالي الفرح المغمورة بمشاركة جماعية تنتصر فيها التقاليد القبلية والعادات والخصوصيات المحلية. تتم هذه الطقوس الاحتفالية في جو كرنفالي بهيج تتخلله أغاني ومواويل أمازيغية تنشدها مجموعة تضم رجالا ونساء يرتدون أزياء وملابس تشكل مميزات الأزياء بمنطقة إملشيل. وفي ارتباط بهذه الطقوس الاحتفالية التي تزخر بها المنطقة تكون ليلة الزفاف مميزة يحضرها ضيوف وجيران يشاركون أهل العريسين البهجة والفرح فتتنامى إيقاعات الغناء والمواويل والموسيقى التي يشكل فيها البندير آلة رئيسية اضافة إلى تموجات وامتدادات أصوات المنشدين. وتعرف منطقة أيت حديدو الواقعة في أعالي الأطلس الكبير بتنظيم موسم ايملشيل خلال خريف كل سنة حيث تنظم حفلات زواج ويتم عقد قران الكثير من الأزواج بشكل جماعي يدخل ضمن طقوس وتقاليد هذه المنطقة. وتحكي أسطورة إيملشيل حكاية عاشقين تحابا بشكل جنوني "إيسلي وتيسليت" وقررا الارتباط بينهما غير أن قبيلتيهما وقفتا ضد رغبتهما هذه. ومن فرط العذاب الذي عانى منه الحبيبان ومن شدة حزنهما فاضت دموع العاشقين لتملأ بحيرتين عملاقتين سميت إحداهما "إيسلي" والأخرى "تيسليت"





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً