شعرت بفرح كبير وأنا أقرأ صباح أمس الأول في الصحيفة أن محكمة الاستئناف العليا السنية قررت الزام قضاة الشرع والمأذونين الشرعيين بعدم إجراء عقد زواج لأي شخص يريد الاقتران بزوجة ثانية إلا بإذن من المحكمة من أجل التحقق من حاله المادية والصحية والاجتماعية وقدرته على الوفاء بالتزاماته الزوجية والأسرية... لحماية الزوجة والأبناء من الحرمان والضياع... وذلك بالتأكد من راتب الزوج واخراج شهادة صحية تثبت خلو الزوج والزوجة الثانية من الأمراض المعدية ومعرفة عدد أفراد أسرته من زوجته الأولى الذين ينفق عليهم.
ولا أدري لماذا لم تطبق هذا القرار أيضا محكمة الاستئناف العليا الجعفرية أيضا لحاجة الأسر الشيعية إليه لما يكتنفها من مظالم وانجاب عشوائي لاشخاص يعددون في الزوجات ورواتبهم ضعيفة لا يستطيعون بها الإنفاق على أسرة واحدة مثلما هو حاصل بالنسبة إلى الأسر السنية، الأمر الذي يتعارض مثلما ذكرت سابقا من خلال الكثير من المقالات مع الأهداف الاسلامية من السماح بتعدد الزوجات مع اشتراط القدرة المادية والعدل اللذين يعدان شرطين من الصعب تحقيقهما وسط ظروف الحياة الحديثة ومتطلباتها الكثيرة.
لقد تكللت جهود الكتاب وأعضاء لجنة الأحوال الشخصية منذ أكثر من عشرين عاما بالنجاح من خلال تجاوب محكمة الاستئناف السنية العليا في وزارة العدل والشئون الاسلامية، إلى جانب عدة قرارات تم اتخاذها حديثا... منها تمليك المرأة المطلقة مع أبنائها بيوت الاسكان، على رغم أنني اعتقد أن من حق الزوجة التي لم تنجب أيضا الحصول على هذا الحق... حتى تتساوى المرأة مع الرجل في المعاملة في مملكة البحرين.
لكني اعتقد أن هذا القرار الأخير يعتبر فعلا استعادة لكرامة المرأة البحرينية وحفاظا على أبناء البحرين وسط عدم شعور الكثير من الأزواج بالمسئولية نحو زوجاتهم وأبنائهم... كما أنه يعد إذا طبق دعامة قوية لأسر صحية ومترابطة إذا تم ادخال مادة الزامية في مناهج التربية عن واجبات وحقوق الزوج والزوجة في الدين الاسلامي للمدارس الاعدادية والثانوية والجامعية بالنسبة إلى البنين والبنات، حتى يتمكن كل من يعتزم الزواج من معرفة حقوقه وواجباته دينيا بالشكل الصحيح، إذ يجهل الكثير من الأزواج واجباتهم وحقوقهم عند الزواج والطلاق والحضانة.
لقد عانت الأمهات البحرينيات وأطفالهن الكثير من الظلم لسنوات طويلة باسم الدين الاسلامي وهو بريء مما يحدث بسبب الجهل والتخلف... مثلما يشوّه المتطرفون اليوم ديننا السمح بالقتل والتدمير ويمنحون العدو العذر لمحاربة الدين الاسلامي والمسلمين المسالمين ولو كان الدين الاسلامي قام على التعصب والتكفير والقتل والتدمير... لما انتشر من جزيرة العرب إلى أوروبا والصين... وبنى حضارة استوردها الغرب وبنوا على أساسها حضارتهم العلمية الحديثة.
إنني اعتقد أن هذا القانون إذا طبق على المذهب السني والشيعي فإنه سيكون إيذانا بعصر ذهبي لبحرين متقدمة قائمة على قوانين أسرية صالحة قادرة مع التوعية بحقوق وواجبات الازواج والأبناء في وسائل الاعلام، وخصوصا الإذاعة والتلفزيون اللذين لا يقومان بدور فعال في التوعية المطلوبة حاليا بالنسبة إلى هذه الموضوعات الاجتماعية المهمة، وبحاجة إلى خبراء لاعداد هذا النوع من البرامج من الدول المتقدمة اعلاميا في هذا المجال.ولا يمكن أن ننكر دور المجلس الأعلى للمرأة برئاسة الشيخة سبيكة بنت ابراهيم آل خليفة في الاسراع بالنسبة إلى اتخاذ هذه القرارات المهمة التي صدرت حديثا لأن ذلك المجلس يتبع الديوان الملكي مباشرة ليتمكن من اتخاذ قرارته بشكل مدروس وحاسم ليحقق الأهداف التي تسعى إليها الحكومة البحرينية في تطوير وضع المرأة ومنحها حقوقها المساوية لحقوق الرجل، مثلما ينص الدستور والميثاق حتى تتمكن مع الرجل وأجيال المستقبل من خلال هذه القرارات الشرعية الاجتماعية المهمة التي توجت جهودا قام بها رجال ونساء مخلصون من متطوعين وكتاب من أجل بناء مملكة البحرين الحضارية
إقرأ أيضا لـ "سلوى المؤيد"العدد 663 - الثلثاء 29 يونيو 2004م الموافق 11 جمادى الأولى 1425هـ