يشتكي كثير من موظفي القطاع الخاص وخصوصا المبتدئين منهم أن الرواتب التي يتقاضونها من المؤسسات والشركات الخاصة لا تكاد تكفي حاجة الأسرة أو أنها فعليا تتناقص شهرا بعد آخر نتيجة ارتفاع بعض أسعار المواد الغذائية وحتى الاستهلاكية بالإضافة إلى تراجع صرف الدينار مقابل العملات الأخرى نتيجة لتدهور سعر الدولار في الآونة الأخيرة في حين أن الرواتب تراوح مكانها وأن الفقير أصبح أكثر فقرا وكثرت المديونيات على الناس البسطاء من قبل المصارف التي سهلت (مشكورة) مهمة الاقتراض حتى أن البعض يدفع وهو في قبره في حين أن الغني أصبح أكثر غنى وجشعا.
وفي حين أن الفقر أخذ مأخذه من البعض فإن مزاحمة الأجنبي للمواطن في لقمة عيشه هي زيادة في الطين بلة. ولا غرو في ذلك إذ إن كثيرا من المؤسسات الخاصة لا تعطي أهمية كبيرة لراحة موظفيها وإسعادهم وخصوصا المواطنين منهم عن طريق زيادة الرواتب الشهرية سنويا لتشجيعهم على بذل أكبر جهد ممكن والتفاني في العمل من أجل خدمة الوطن والإخلاص له بل إن بعض التجار (يلعن) قرار نسبة البحرنة التي تفرضها وزارة العمل والشئون الاجتماعية باعتباره قرارا ظالما لا يأخذ في عين الاعتبار مصالح الشركات الخاصة ولذلك فإن التجار ورجال الأعمال يقفون ضد تحديد سقف ملائم للرواتب في القطاع الخاص يضمن حياة معيشية مطمئنة.
فإذا استثنينا الموظفين العاملين في المصارف والشركات الكبيرة فإن معظم الشركات الخاصة لا تدفع لموظفيها ما يستحقونه بل إن بعض هذه الشركات يتفنن في كيفية استغلال الموظفين العاملين لديها من أجل التضييق عليهم والتخلص منهم في النهاية وإحلال الأجانب محلهم.
قمت في الآونة الأخيرة بزيارة لرجال أعمال في شركات خاصة من أجل مهمات صحافية والانطباع الذي خرجت به هو أن البعض يضحك على ذقون العباد والبعض الآخر يصب لعنته وغضبه على البحرينيين ويعتب على الصحافيين لأنهم يتحدثون عن البطالة بين الشباب البحريني في حين أنهم يتمتعون بالعيش الرغيد من عرقهم! فأحد رجال الأعمال يجلس في مكتبه المكيف والمريح وإلى جنبه سكرتيرات ومحاسبون وحراس وعمال داخل المكتب جميعهم من الأجانب في حين ينشر في الصحف المحلية عن حاجة الشركة إلى عمال بناء وأعمال حديد وأعمال يدوية أخرى من البحرينيين ولا يذكر حاجته إلى سكرتيرات أو محاسبين وحراسه الأجانب الذين يتم توظيفهم في الشركة! كان من الأحرى لهذا الرجل الذي يتفاخر بكثرة الشركات التي يملكها وبثروته وأنه صنعها بنفسه (والتي ربما جمعها من أعمال الحرام) أن يفضل ابن بلده على الأجنبي لا أن يدر الرماد في العيون ويتفاخر أمامي وأمام غيري بأنه رجل أعمال شريف بنشره إعلانات في الصحف عن وظائف في شركته (للبحرينيين فقط!) وسيدفع لهم 120 أو 150 دينارا في الشهر وإذا لم يقبلوا بها صب لعنته عليهم في حين أن الوظائف الكبيرة وذات المردود الجيد تذهب للأجنبي! فهل قرأ هذا الرجل الآية الكريمة «ألهكم التكاثر حتى زرتم المقابر...» (التكاثر:1)
العدد 661 - الأحد 27 يونيو 2004م الموافق 09 جمادى الأولى 1425هـ