الأسلوب الترقيعي في معالجة المواقف السياسية نمط تفكير موجود لدى المعارضة والسلطة، وإذا ما تكرس لدى الطرفين في ثنائية متقابلة ومتناقضة في الوقت نفسه، فستكون أبواب الإصلاح مغلقة، وأبواب الاستبداد مشرعة. الهيئة الاستشارية التي قررت إدارة الوفاق المضي فيها مع كل الاعتراضات عليها، تؤكد هذه الثنائية. فأولى دلائل الترقيع في الهيئة المذكورة انسحاب 14 شخصية منها قبيل اجتماعها الأول. واستعاضة إدارة الوفاق عنها بشخصيات من الصفوف الخلفية، فضلا عن كون الهيئة لم تكمل أعضائها الأربعين. وتريد إدارة الوفاق إدخال شخصيات أخرى ممن حصلوا على صوت أو صوتين أثناء الترشيحات، ما يعنى أن الإدارة تريد المضي في المشروع بأي ثمن حتى لو تم افراغه من مضمونه.
هذا المشهد يذكر المتابعين باستقالة ثلاثة أعضاء من مجلس إدارة الوفاق الحالي، وترشيح الاحتياط لشغل مقاعدها. ومع قانونية هذه الخطوة إلا أن استقالة الأعضاء الثلاثة على دفعتين كانت توحي بخلل في بنية الإدارة نفسها، وتتطلب استقالة جماعية طوعية لتشكيل مجلس إدارة متجانس، لكن مجلس الإدارة ظل جامدا على خلافاته مع علمه بضعف تشكيلته، وانها تشكيلة اضطرارية وترقيعية.
أخيرا فإن الدعوة إلى هيئة وسيطة منتخبة بدل المعينة، كانت للتدارك السريع لسياسة «وقع ثم وقع»، وجعلها في سياق مقبول بمعالجة آثارها السلبية الناجمة عن تضاعف أعداد المنتمين للوفاق وعدم قدرة هياكل الإدارة على إدارة هذا العدد الضخم. لكن التبلد السياسي وعدم استشراف المستقبل وعدم الاحتياط للخطوات الكبرى المفاجئة أفرزت بشكل مؤسف هيئة استشارية معينة غير ضرورية بدل المنتخبة الضرورية والملحة. ولا يشفع لادارة الوفاق تخييرها اعضاء الهيئة بين المضي فيها او تأجيلها لدراستها لانها اصرت على تشكيلها قبلهم وإرادة التوقف عند غالبيتهم معدومة للموقع التشريفي الذي لم يتوقعه بعضهم كما لا يشفع لها ترك صوغ مهمات اللجنة لاعضائها فهاذا دليل عدم نضج الفكرة من الاساس
إقرأ أيضا لـ "سلمان عبدالحسين"العدد 661 - الأحد 27 يونيو 2004م الموافق 09 جمادى الأولى 1425هـ