العدد 661 - الأحد 27 يونيو 2004م الموافق 09 جمادى الأولى 1425هـ

السكن... أزمة ستنفجر

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

المشكلة باختصار ومن دون لف ودوران: 48 شخصا يعيشون في منزل واحد في داركليب، 40 شخصا يعيشون في منزل آخر في جنوسان، والقصة تتكرر في مناطق عدة في البحرين. جنوسان - وهي قديما جنة الإنسان كما يقول أهلها - إنما هي جحيم لأهلها في القرن الحادي والعشرين.

في مقابل أربعين شخصا في منزل واحد، هناك أشخاص يملك كل واحد منهم أكثر من مجمع واحد، وكل مجمع يحتوي على عشرات الفيلل المتطورة في كل شيء. جحيم الإنسان - أكثرية الإنسان البحريني - أنه ليس له مستقبل أفضل، فالغني يصبح غنيا أكثر وأكثر، والفقير يزداد فقره يوما بعد يوم. المسئولون غسلوا أيديهم لأنه ليست لديهم الأرض لبناء مساكن عليها، والأثرياء يصعِّدون أسعار الأراضي والفيلل كل يوم. ففي جحيم الإنسان هناك بقايا جنة الإنسان القديمة، وهي مطروحة للايجار، ولكن قيمة الايجار ما بين خمسمئة إلى ألفي دينار شهريا.

المهندس البحريني معاشه أقل من خمسمئة دينار، ولم يزدد معاشه خلال السنوات الخمس سوى عدد من الدنانير، ولكن قيمة الأراضي والسكن ازدادت مئة في المئة. فإذا كان المهندس يستطيع الحصول على قرض لشراء أرض وبناء سكن قبل عدة أعوام، فهو الآن يلتحق بالأكثرية التي بدأت تتكدس في المنازل تنتظر رحمة الله عليها، أو أنها تنتظر الانفجار من القهر الذي تعيش فيه.

أراضي البحرين وزعت بالمجان على الذين لا يحتاجون إليها، وأسعار الأراضي أصبحت خيالية، وليست في متناول الأكثرية، التي ينتظرها جحيم تستعر الأسعار فيه يوما بعد يوم.

المواطنون الذين خرجوا في التسعينات - في بداية الأمر - يطلبون عملا، من المتوقع أن يخرجوا إلى الشوارع يطلبون سكنا، ولن يمانع كثير منهم فيما لو سمح له بتشييد «العشيش» مرة أخرى، ولكن ليست هناك أرض لعشيش أو غير عشيش، فالأرض استملكت والسواحل استملكت والبحر استملك ولم تبقَ إلا السماء لتستملك!

إننا مقبلون على أزمة سكنية خانقة، ومؤشراتها واضحة أمام الجميع، ولكن المشكلة أن الجميع مشغول في قضايا أخرى ربما تكون مهمة، ولكنها لا تلامس الوضع الذي يكاد يختنق. البيوت الآيلة إلى السقوط ازدادت في الفترة الأخيرة، والبلديات تسعى إلى حل مشكلة بعضها، ولكنها مؤشر غير حسن. أسعار مواد البناء تزداد ارتفاعا، وكل شيء يزداد سعره، بينما يقف المسئولون والذين يستطيعون توفير الحلول خارج الدائرة وكأن الأمر لا يعنيهم.

إننا بحاجة إلى حلول جذرية تتسم ببعد النظر، وإننا بحاجة إلى دراسة كيف حلّت البلدان الأخرى مشكلاتها الإسكانية. فإذا كانت الدولة بحاجة إلى الأراضي وهذه الأراضي استملكت فيمكنها استرجاعها من أجل المصلحة العامة. وإذا كانت الدولة بحاجة إلى تطوير مشروعات إسكان تعتمد على الشقق بدلا من المنازل فإن هذا يحتاج إلى خلق سوق للعقار مدعومة، لمنع ازدياد الأسعار وكسر ظهر المواطن الاعتيادي.

ليس مقبولا من الحكومة أن تقول إنها استنفدت قدراتها، فلا أحد يصدق هذا الحديث. جزيرة إفريقية اسمها «موريشيوس» كانت مستعمرة من قبل الفرنسيين والبريطانيين من قبل، وكانت لديها طبقية تشبه ما لدينا، ولكنها الآن تتحرك في اتجاه خدمة مواطنيها أولا. فأحد الأثرياء الذي استملك أراضي شاسعة تحتوي على غابة وجبال ومزارع، قيل له إن تلك الأراضي ستعود للدولة خلال هذا العام وسيترك له جزء يسير منها يقع على جبل وفيه مطعم فخم. أما باقي الثروة فهي ملك للناس ولا يجوز أن يستحوذ عليها شخص واحد. في بريطانيا هناك أراض مملوكة للعائلة المالكة، ولكنها مفتوحة للناس للاستفادة منها لأنها كبيرة جدا ولا يمكن حرمان الناس من خيراتها. علينا أن نتحرك بسرعة لمعالجة أزمة متصاعدة هي الأخطر إذا تركناها من دون حل

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 661 - الأحد 27 يونيو 2004م الموافق 09 جمادى الأولى 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً