جمعية حماية المستهلك لاتزال تحمل الكثير من الإشكالات وهي تدخل دورتها الانتخابية الثالثة، ويكفي أن نقول إن الجمعية حددت موعد اجتماع جمعيتها العمومية لانتخاب أعضاء مجلس الإدارة للدورة الثالثة ولم يعقد الاجتماع لعدم اكتمال النصاب، حتى اكتمل أخيرا وتم انتخاب مجلس الإدارة الجديد وتوزيع المناصب.
إذا كانت رئيسة الجمعية زينات المنصوري رأت في حوارها السابق ان أهم إشكالات الجمعية يكمن في انحسار المستهلك عن العمل في هذه الجمعية، وإهمال الإعلام للدور الذي تقوم به جمعية حماية المستهلك، فماذا يقول أعضاء الجمعية عن أسباب هذه الإشكالات؟.
هناك من يرى ان السبب يكمن في الضعف الإداري لمجلس إدارة الجمعية، وهناك من يحمل المستهلك المسئولية كاملة، وهناك من يتحدث عن منافسة الجمعيات السياسية، وهناك آراء أخرى في هذا الإشكال.
كيف يرون أبعاد ما يحدث، وماذا يقترحون؟
يقول الأب الروحي لجمعية حماية المستهلك إبراهيم بشمي: «في رأيي إن المشكلة تكمن في أن كثيرا من الناس يطلبون من جمعية حماية المستهلك أن تقوم بدورها وهم بعيدون عنها، فالجمعية ليست مبنى وحائطا، ولكنها أفراد، وهذا النقص الأساسي لا ينعكس فقط على جمعية حماية المستهلك وحدها، ولكننا نجد جمعيات سياسية تتصدى للقيام بدور في المجتمع، وهي لا تستطيع أن تستكمل نصاب عقد جمعيتها العمومية، وحتى تنشط جمعية حماية المستهلك يجب أن ينضم إليها الناس الذين يريدون فعلا حماية المستهلك، وهذا لا يتحقق إلا إذا وجدت الرغبة الحقيقية.
طلبة الجامعة
ويضيف «حاولت الجمعية أن تضم الكثير من الأعضاء حتى من خلال الجمعيات الأخرى، في رأيي ان هذه هي نقطة الخلل الأساسية، وبالتالي فالجمعية بهذا العدد المحدود الذي عليه الكثير من المهمات لا يمكن أن تلبي احتياجات الناس الكبيرة، وفي رأيي ان انضمام طلبة الجامعة إلى الجمعية سيعطيهم الفرصة في الخدمة العامة في المجتمع والحصول على درجات تساعدهم في التقدير النهائي، والمفروض أن يكون هناك تنسيق بين الجامعة وبين الجمعية لترشيح بعض طلبة الجامعة للمساهمة في العمل للجمعية، كثير من الجمعيات المهنية التي نطلب من أعضائها المشاركة هم أيضا يعانون من عدم ايجابية الأعضاء لديهم، إذن هذه الظاهرة غير مقتصرة على حماية المستهلك، ولكنها ظاهرة عامة لابد أن تقوم مؤسسات المجتمع المدني، والجهات المختصة في الدولة بإعادة النظر في هذا الموضوع».
«في رأيي إن الناس حتى الآن لا تعرف ما هو الدور الذي تقوم به الجمعية، وماذا تعني حماية المستهلك؟»، هكذا يعلق عضو الجمعية نادر الصوفي، ويواصل حديثه: «مثل هذه الجمعيات في الدول المتقدمة يمكن أن تؤثر على الحكومات، ولكننا نفتقد الوعي الذي يعرف الناس ماذا يعني وجود هذه الجمعية؟، لا يعرف الناس ان هذه الجمعية يمكن أن تقدم إليهم الكثير، فمن ضمن اقتراحاتي أن تكون هناك صفحة أسبوعية ثابتة تناقش قضايا حماية المستهلك، لأننا بحاجة إلى وجود مثل هذه النوعية من التحقيقات، على سبيل المثال التحقيقات الخاصة بالتخفيضات، فهناك تجار يتلاعبون في التخفيضات، فلابد أن يكون للجمعية دور فيما يحدث، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل يمكن أن تمتلك الجمعية القوة التي تؤدي بها إلى محاسبة التاجر الذي يتلاعب في الأسواق؟، بعض المحلات تضع عبارة، البضاعة المباعة لا ترد ولا تستبدل، وأنا كمستهلك من حقي أن أرجع السلعة التي اكتشفت عدم استفادتي منها، فلماذا أقيد بهذه العبارة؟، هناك الكثير من المهمات التي يمكن أن تقوم بها الجمعية؟.
ضعف إداري
ويرى عبدالحميد خليل ان الجمعية تعاني من ضعف إداري على الأصعدة المختلفة. ويقول: «عاصرت الجمعية منذ بدايتها، وهي تعاني من ضعف إداري ولا توجد سيطرة كاملة على مجريات الأمور، لا تمتلك الجمعية النشرات التي يمكن أن تشرح للمستهلك جميع مهمات وأهداف الجمعية، وطرحنا الكثير من الاقتراحات التي يمكن أن تساهم في إبراز دور الجمعية، ولم نجد تجاوبا، هذا بالإضافة إلى ضعف الدعم المادي الذي تعاني منه الجمعية إذ إن الجمعية لا تقبل أي تبرعات من قبل الشركات الخاصة، ثم إن العمل التطوعي له منظوره الشخصي، فهناك من لا يجدون أي مبرر في تضييع الوقت والجهد في أعمال مجانية، وهناك من يساهمون في الأعمال التطوعية، ويشعرون بذاتهم في أداء هذه النوعية من الأعمال، ولذلك فعلينا أولا أن نمس المستهلك بشكل مباشر، ونشعره اننا نسير معه على الدرب نفسه.
لم يكمل النصاب
ويعلق أصغر علي: «الجمعية بحاجة إلى استراتيجية وتخطيط، كان تركيزنا في البداية - ومازلنا - على كسب الأعضاء، حاولنا جذب أعضاء جدد يقومون بدور فعال تجاه الجمعية، وأعتقد ان مسئوليات المرء لا تمنعه عن ممارسة الأعمال التطوعية، فعلى رغم كوني أعمل في وزارة الكهرباء، وأدرس في الجامعة وأتابع دراسة أولادي، فإنني احرص على تقديم كل ما أستطيعه من جهد للعمل في الجمعية، والمفروض أن يكون هذا الحرص هو سمة كل الأعضاء الذين ينتمون إلى الجمعية، ويكفي أن تعرفوا اننا عقدنا اجتماعين للجمعية العمومية من أجل انتخاب أعضاء مجلس الإدارة للدورة الثالثة، ولم يكمل النصاب في الاجتماعين».
المعادلة المتوازنة
ويعلق ماجد شرف: «عدم وضوح دور جمعية حماية المستهلك يرجع إلى ضعف اللجنة الإعلامية في الجمعية، وعدم قيامها بالأدوار المختلفة التي تقوم بها اللجان الأخرى في الجمعية وإبرازها في الصحافة ليتعرف عليها الناس، وأيضا الصحافة لا تبرز جهود الجمعية في الوقت الذي تركز فيه على شكاوى المستهلكين، ونحن نفتقد المعادلة المتوازنة التي يمكن أن تنصف الجمعية، حتى إعلانات الجمعية لا تنشرها الصحف المحلية».
عبدالله حسن يقول: «أعتقد ان المشكلة الرئيسية تكمن في انتظار المستهلك لعطاء الجمعية، في الوقت الذي يرفض هو العمل للجمعية بلا مقابل، والمفروض أن يعرف المستهلك انه بانخراطه في عضوية الجمعية يحمي نفسه بنفسه، في الدول المتقدمة يطرحون السؤال الآتي دائما على أنفسهم: ماذا يمكن أن نقدم إلى جمعية حماية المستهلك؟، لابد أن يكون للمستهلك دور فيما يحدث، لابد أن يراقب الأسواق، ويكتشف الخلل في بعض السلع، ولابد أن يعرف المستهلك انه لو افتقد الوعي الاستهلاكي لن يجد من يحميه، أحمله المسئولية وأطالبه بدور إيجابي فعال.
وترى وفاء المنصوري ان عدد الأعضاء المحدود هو السبب في عدم استطاعة الجمعية القيام بدورها على أكمل وجه، كما يتوقعه منها الآخرون، وعزوف البحرينيين عن العمل التطوعي، وانجذابهم للعمل السياسي، مستدركة: «حتى الجمعيات السياسية تعاني أيضا من العزوف»، واضافت «أيضا عدم وجود الوعي بدور جمعية حماية المستهلك، فالمستهلك يتوقع منها الضغط على التجار، ويتوقع منها تحديد الأسعار، والتحكم في المشتريات والمبيعات، هذا ليس دورها فهي جمعية مدنية ودورها يتركز في التوعية والإرشاد، إذن قلة العدد الذي ينعكس على قلة موازنة الجمعية من أسباب انحسار دورها».
منافسة الجمعيات السياسية
ويختتم جلال السعد الحديث بقوله: «هناك أسباب مختلفة أدت إلى عدم وصول دور الجمعية إلى المستهلك، ولا نستطيع ان نحصرها في سبب واحد رئيسي ولكننا نستطيع أن نقول إن فترة اشعار الجمعية واكبت الفترة التي بدأ فيها التحول والتغير السياسي في البلد، فأصبح لدينا الكثير من الجمعيات الأخرى التي نافست الجمعية على الحضور من الأعضاء، وحققنا مجموعة من العضوية لا تتجاوز ستين عضوا على رغم محاولات الجمعية الحثيثة من خلال برامجها المتواضعة بحجم ظروفها التي تمر بها سواء من خلال حضور الطاقم البشري أو من الدعم المادي، إذن نستطيع أن نقول إن وجود المنافسة من قبل الجمعيات السياسية أدى إلى انحسار دور جمعية حماية المستهلك».
وأيّا تكن أسباب انحسار دور جمعية حماية المستهلك، فان عدم ادراك المستهلك لأهمية هذه الجمعية يدل على وجود خلل ما في عملية الإرسال أو التوصيل، ومن المتوقع من مجلس إدارة الجمعية الجديد أن يبحث بإمعان في الواقع والأسباب، وان يحاول تذليل العقبات، وأن يساعده المستهلك في تحقيق هدفه، وأن يسير معه لتحقيق المصلحة الواحدة وأن يقدم الإعلام كل الدعم لمساندة هذه الجمعية التي يعني وجودها حمايتنا من خطر قادم لا نعرف مداه
العدد 661 - الأحد 27 يونيو 2004م الموافق 09 جمادى الأولى 1425هـ