ما معنى أن تتبنى فرنسا مؤتمرا لمناهضة معاداة السامية في الإنترنت؟
هذا المؤتمر الذي لم تشأ فرنسا رفضه لأسباب وجيهة، إذ يكفيها ما لقيته من مواقف متفرقة في مساندة الفلسطينيين لتوصف بأنها معادية للسامية، عرفت من أين يأتيها الوجع على المستوى العالمي، فاللوبيات الصهيونية على مستوى العالم تعلم أنها تسيطر بشكل جيد على صناعة السينما، وكذلك شركات الإنتاج التلفزيونية المختلفة التي من خلالهما مررت - ولاتزال - الكثير من المفاهيم التي تريدها من إساءة إلى العرب أو تمجيد لليهود بشكل ذكي جدا.
وتعلم هذه اللوبيات أن كبريات الصحف العالمية في العواصم المؤثرة لها فيها نصيب، بل ويتوارث اليهود المناصب في بعض من كبريات الصحف الأميركية، فلا يتقاعد مسئول في التحرير إلا ويكون قد جهز من يحل محله، وهكذا يتناسل المسئولون اليهود في هذه المؤسسات التي تشكل الرأي العام، ويمكن لجماعات الضغط هذه في أي وقت أن تغرق هذه الصحف والمجلات بأطنان الرسائل المهددة بقطع الاشتراك والامتناع عن الشراء أو وقف الإعلانات، إن هي لم تعتذر عن مقال فيه ما لا يشتهي اليهود أن يقرأه الذين ليست لديهم فكرة عن حقيقة الصراع العربي الإسرائيلي، وبالتالي من السهل أن ترضخ هذه الصحف أو المحطات لأنها تتعامل بمنطق الربح والخسارة، وليس من مصلحتها أن تخسر مئات الآلاف من الدولارات مقابل مقال أو كاريكاتير أو حتى مجرد خبر.
ولكن ما لا يمكن للإسرائيليين وقفه، وما لا يتأثر بالاشتراكات والإعلانات هي المواقع الإلكترونية التي نشطت في بداية هذا القرن، ولكننا - كعادتنا - تنازلنا عن نشر وجهة نظرنا في الصراع العربي الإسرائيلي التي لا يقرأها الغرب عادة، فقد تأذى الصهاينة من هذه الحركة المحدودة، وأقنعوا فرنسا بعقد مؤتمر مخصص عن معاداة السامية في الإنترنت دليلا على التأثير الذي أحدثته تلك الحركة المحدودة، فما بالنا لو استمرت المقاومة بالإنترنت... وهذا أضعف الإيمان؟
إقرأ أيضا لـ "غسان الشهابي"العدد 659 - الجمعة 25 يونيو 2004م الموافق 07 جمادى الأولى 1425هـ