دخلت طائرة الإصلاح العام 2015 والرحلة لم تنته. المسافرون العرب ضجروا من الكلام والشرح والتفسير وضرب الشيب رؤوسهم وهزلت أجسادهم وفقدوا القدرة على السير.
القبطان... انتهينا اليوم من قراءة تفصيلات «الشراكة» من أجل المستقبل واتينا على توضيح كل الفقرات والبنود وبات بإمكاننا العودة إلى الوطن بعد طول غياب. فقمة الدول الثماني حددت هذا العام موعدا لنهاية الاصلاح.
ما كاد القبطان ينهي خطبته حتى بدأ الارتجاج يهز الطائرة. «ما هذا؟». مساعد القبطان... اظن انه خلل في المحرك. القبطان... خلل. مستحيل لابد من وجود مؤامرة ضد الإصلاح. فالطائرة مضمونة، وقالوا لنا انها لا تحرق ولا تغرق ولا تسقط. فمن أين جاء الخلل؟ لابد ان «الزرقاوي» فعلها.
مساعد القبطان... عن أي زرقاوي تتحدث أو خضراوي أو صفراوي أو بيضاوي؟ هل نسيت اننا اخترعنا هذا الخطر ونفخنا به ونفخنا حتى نبرر سياسة التدخل في الشئون العربية.
القبطان... إذا لابد ان يكون تنظيم «القاعدة». فهو صاحب مصلحة في منع الإصلاح. مساعد القبطان... عدت إلى تصديق الاكاذيب مجددا. هل نسيت ان أميركا هي التي صنعت ودربت التنظيم وأطلقته يضرب يمنة ويسرى وفتحنا له الأبواب ورفعنا عنه الغطاء ليتحرك في كل مكان وزمان حتى نجد التبرير المنطقي ويسمح لنا بملاحقته من دولة إلى دولة؟ هل نسيت ان «القاعدة» لا تملك هذه القوة الجبارة التي لا يمكن السيطرة عليها؟ ونحن - وتحديدا انتم - من اخترع الكذبة وضخمها حتى يجد لنفسه الاعذار للتدخل؟
القبطان... حسنا. ولكن بريطانيا ليست أفضل من بلدي. أليست حكومتكم من اخترعت شخصية «ابو حمزة المصري» وقامت بتصنيعه وتدريبه وتركته يرتكب الحماقات والأفعال المشينة باسم الإسلام والمسلمين لإثارة الحساسية العنصرية ضد المسلمين في بريطانيا وأوروبا؟
مساعد القبطان... ليست حكومتي من فعل هذا، بل الحكومة السابقة. ونحن ورثنا سياسة لم يكن باستطاعتنا تغييرها من دون خسائر. وهذا ما تكرر ايضا في علاقة بلادي مع أميركا. فنحن لا نوافق كليا على سياساتكم ولكننا اضطررنا إلى مجاراتها حرصا على موقع بريطانيا ودورها الاستراتيجي في الاتحاد الأوروبي. نحن مضطرون إلى مسايرتكم حتى لو كان على حساب المبادئ. إنها المصلحة.
القبطان... إذا لماذا تعترض؟ نحن الآن في مشكلة. ولابد ان نحتويها.
مهندس الطائرة... الخلل ليس في المحرك. هناك مشكلة في الوقود. فقد نفد الخزان من الاحتياطات.
القبطان... تبا. قالوا لنا ان النفط سينتهي في العام 2050 أو 2060 ونحن في العام 2015. ماذا حصل؟
مساعد القبطان... ألا تذكر اننا شجعناهم على زيادة انتاج النفط لخفض الأسعار وتوفير بعض الأموال على خزينتنا وموازنتنا؟
القبطان... حتى لو فعلنا ذلك فإن الاحتياطي يفترض في اسوأ الحالات ان ينفد في العام 2040 أو 2050. لابد انه حصلت تطورات غير متوقعة. ما العمل الآن؟
مسافر... «هناك حل بدائي للمشكلة».
القبطان... حل بدائي، وما هو؟ المسافر... جدتي اطال الله عمرها نصحتني بعدم المشاركة بالرحلة. وبسبب خبرتها وحكمتها قالت لي مرارا عدم تصديق الكذبة و...
القبطان مقاطعا... كذبة، ومن قال لكم ان تصدقونا؟ فنحن لم نفرض عليكم مشروعنا، فانتم وافقتم عليه وكان بإمكانكم رفضه. فأنتم تتحملون مسئولية تصديق الكذبة. المهم الآن ما هو الحل البدائي الذي تملكه؟
المسافر... بساط الريح. فجدتي قبل صعودي الطائرة وضعت في حقيبتي «بساط الريح» لأستخدمه وقت الحاجة وفي حالات الطوارئ.
القبطان... بساط الريح، وكيف يعمل هذا البساط؟
المسافر... انه يطير على الطاقة الهوائية. وليس بحاجة إلى اجهزة والكترونيات ومحروقات. القبطان... عجيب، وكيف يحلّق؟ المسافر... انه سهل ممتنع. يسمع ولا يتكلم. ويرى ولا يقرأ ويتوجه إلى حيث تريد. القبطان... عجيب، وهل يتسع لكل الركاب؟ المسافر... نعم فهو يتمدد ويتقلص بحسب الحاجة.
القبطان... إذا اعطني بساط الريح وخذ طائرة الإصلاح. انتهت الرحلة. حمدا على سلامتكم
إقرأ أيضا لـ "وليد نويهض"العدد 659 - الجمعة 25 يونيو 2004م الموافق 07 جمادى الأولى 1425هـ