عقدت اللجنة الاقتصادية بجمعية الوفاق الوطني الاسلامية ندوة بتاريخ 20 من الشهر الجاري تناولت مسألة تشجيع الشباب على الانخراط في العمل التجاري. تتمثل الفكرة في دعوة بعض الداخلين الجدد لسوق العمل فضلا عن العاطلين للتفكير بشكل جدي في أن يصبحوا رواد أعمال بدلا من مجرد العمل لدى المؤسسات الأخرى خصوصا القطاع العام. وتأتي هذه الدعوة على خلفية أن هناك تشبعا للوظائف في القطاع العام بدليل تشجيع التقاعد المبكر كما أن القطاع الخاص ولأسباب مختلفة يفضل توظيف الأجانب إذ يشكل غير البحرينيين ثلثي العمالة في هذا القطاع.

شارك في الحوار كل من عبدالرحمن السندي من لجنة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بغرفة تجارة وصناعة البحرين وهاشم حسين من منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية «يونيدو» وكاتب هذه السطور. بداية قدم السندي ورقة عمل ناقش خلالها الفرص المتاحة وبعض التجارب الناجحة للشباب البحريني، لكنه أشار إلى وجود عقبات مثل مشكلة التمويل. من جهته عقب هاشم حسين على الكلمة وأشار إلى أهمية وجود المثابرة في النشاط التجاري أو ما وصفه بروحية رواد الأعمال Entrepreneurial spirit وتوقع العمل لساعات طويلة.

خرجت الندوة ببعض الاستنتاجات: أولا أن النجاح في العمل التجاري ليس بالأمر السهل بدليل فشل نسبة غير معروفة لكنها بالتأكيد كبيرة (تصل إلى حدود 80 في المئة في أميركا وذلك في غضون السنوات الخمس الأولى) على أن السبب الرئيسي وراء ذلك يعود إلى سوء الإدارة. من البداهة توقع الصعوبات إذ لو كان الأمر هينا لدخل الكثير معترك العمل التجاري. ثانيا عدم توقع حصول مساعدة من السلطات بل أن الدعم في الغالب يؤدي إلى سوء استغلال وربما للفساد الإداري والمالي. ثالثا نبذ المشاركون فكرة قيام المسئولين في وزارة التجارة بتحديد السجلات التجارية وأكدوا أنه ليس من حق أية جهة تحديد عدد المؤسسات المسموح لها أن تعمل في مجال أو منطقة معينة لأن ذلك يحد من المنافسة والابداع. وفي هذا الصدد تم التأكيد أن وظيفة الحكومة تتمثل في ايجاد البيئة التجارية الصحيحة من حيث التشريعات والقوانين لمنع الاحتكار وتوفير البنية التحتية مثل الاتصالات.

من جهة أخرى لم يتفق المشاركون في جميع الأفكار المطروحة على ما يخص عمر رواد الأعمال إذ رأى البعض أن بمقدور من يختارون التقاعد المبكر البدء بنشاط تجاري. لكن رأى آخرون أن ذلك غير ممكن من الناحية العملية بحجة أنه من الصعوبة بمكان على الأفراد الذين لم يدخلوا معترك الحياة التجارية أخذ المبادرة في سن متقدمة نسبيا. تشير دراسة أميركية إلى أن غالبية رواد الأعمال في حدود الثلاثين من عمرهم وهم أكثر استعدادا من غيرهم للقيام بنشاط تجاري بينما لا يميل من بلغ نهاية الأربعينات إلى المجازفة. بمعنى أن الأمل على الشباب وليس كبار السن في البدء بنشاط تجاري.

أخيرا تمت الإشارة إلى جانب من الكلام المأثور في الأحاديث والروايات التي تدعو إلى ممارسة النشاط التجاري من قبيل أن «الرزق في التجارة» كذلك «أن من أجر نفسه فقد حرم على نفسه الرزق» بمعنى أن فرصة الحصول على ثروة تكمن في الانخراط في العمل التجاري وليس العمل لدى الآخرين. أيضا يروى أنه قيل لأحد الصحابة «أغدوا إلى عزك» في إشارة إلى تجارته ويقول حديث آخر «إن التجارة تنمي العقل» لأن المطلوب من رواد الأعمال التفكير والتخطيط للأنشطة ومواجهة المنافسة التجارية